ثم سرعان ما استحصدت الإبداعات المسرحية تمثيلًا وتأليفًا, وبالمثل فإن فن الملحمة لم يكن معروفًا للعرب القدماء، ولم يدخل شعرنا إلا في عصرنا هذا، رَغم أن هناك مقارنة أدبية قام بها ابن الأثير اتهم فيها شعرنا العربي بالتقصير عما هو معروف في الشعر الفارسي، غب استقلاله عن أدب العرب عن وجود ما يسمى الآن الملاحم. إذ أشار في كتابه (المثل السائر) إلى "الشهنامة" التي نظمها "الفردوسي" في ستين ألف بيت، وهو ما لا وجود له في شعرنا القديم.

وقد ظن صلاح الدين الصفدي أنّ الأمر مجرد طول في القصائد؛ فذكر في كتابه (نصرة الثائر على المثل السائر) بعض أمثلة من الشعر العربي ذي النفس الطويل، دون أن يتنبه إلا أنه بصدد فن أدبي خاص، وليس مجرد قصائد طويلة.

ومن الأعمال الملحمية أو شبه الملحمية التي نظمها شعراؤنا في عصرنا الحالي، مع وجوب التنبه إلى ما حدث في للملاحم القديمة عبر التاريخ الطويل من تطور "ترجمة شيطان" للعقاد، و"عبقر" لشفيق المعلوف و"على بساط الريح" لفوزي المعلوف، و"على طريق إرم" لنسيم عريضة، و"الإلياذة الإسلامية" لأحمد محرم و"العلوية" لعبد المحسن الأنطاكي، و"الغدير" لبولس سلامة و"عين جالوت" لكامل أمين.

ويضيف بعض الباحثين إلى هذين الفنين فنين آخرين هما: المقال، وقصيدة النثر, وقد أوردت في كتابي (فنون الأدب في لغة العرب) نصوص كثيرة من تراثنا ينطبق عليها مواصفات الجنس الأول تمامًا رغم أن أسلافنا لم يكونوا يسمونها مقالات، بل يطلقون عليها رسائل أو فصولًا، ورغم أنهم لم يكونوا يعرفوا شيئًا اسمه الصحافة، وبالمثل لم يكن نقادنا القدماء يستخدمون مصطلح قصيدة النثر، رغم وجود كثير من النصوص التي تدخل بكل قوة تحت هذا البند، دون أن يتنبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015