الاداب للبيهقي (صفحة 1157)

850 - قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي ذَلِكَ: لِئَلَّا يَتَّكِلَ أَحَدٌ وَلَا يَيْأَسَ أَحَدٌ. قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَالرَّجُلُ الَّذِي أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِالْبَعْثِ وَلَكِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ مَا أَمَرَ بِهِ لَمْ يُعَذَّبْ، فَغُفِرَ لَهُ بِمَخَافَتِهِ. وَقَوْلُهُ: فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ، يَعْنِي: لَئِنْ. . . . هَذِهِ لَيُعَذِّبَنِّي ظَنًّا مِنْهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعَذَّبُ إِذَا كَانَ عَلَى حَالِهِ، فَإِذَا أُحْرِقَ وَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ لَمْ يُعَذَّبْ. وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ جَهْلًا، فَأَدْرَكَتْهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأُنْقِذَ بِهِ مَعَ إِسْرَافِهِ وَجَهْلِهِ مِنْ عَذَابِهِ. نَسْأَلُ اللَّهَ رَحْمَتَهُ، وَنَتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ النَّارِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا لَمْ تُدْرِكْهَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعُذِّبَتْ بِذَنْبِهَا. -[344]- وَيَشْهَدُ لِجَمِيعِ ذَلِكَ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] . فَمَا دُونَ الشِّرْكِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ غَيْبٌ: فَالْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَغْدِرْ بِهَا، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ خَائِفًا رَاجِيًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015