[فَصْلٌ الِاتِّسَاعُ فِي الْكَسْبِ الْحَلَالِ وَالْمَبَانِي مَشْرُوعٌ وَلَوْ بِقَصْدِ التَّرَفُّهِ وَالْكَسْبُ وَاجِبٌ لِلنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ]

فَصْلٌ (الِاتِّسَاعُ فِي الْكَسْبِ الْحَلَالِ وَالْمَبَانِي مَشْرُوعٌ وَلَوْ بِقَصْدِ التَّرَفُّهِ وَالْجَاهِ) (وَالْكَسْبُ وَاجِبٌ لِلنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ) يُسَنُّ التَّكَسُّبُ وَمَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ حَتَّى مَعَ الْكِفَايَةِ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقَالَ أَيْضًا فِيهَا يُبَاحُ كَسْبُ الْحَلَالِ لِزِيَادَةِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالتَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ وَالْعِرْضِ وَالْمُرُوءَةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الِاتِّسَاعَ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَبَانِي مِنْ حِلٍّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ حُقُوقِ اللَّهِ قِبَلَهُ مُبَاحٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْ كَارِهٍ وَغَيْرِ كَارِهٍ وَقَالَ مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ مَنْ اشْتَرَى وَبَاعَ، وَلَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ بُورِكَ فِيهِ كَمَا يُبَارَكُ فِي الزَّرْعِ بِمَاءِ الْمَطَرِ انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَا قُوتَ لَهُ، وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَيُقَدِّمُ الْكَسْبَ لِعِيَالِهِ عَلَى كُلِّ نَفْلٍ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» كَذَا فِي الرِّعَايَةِ وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ وَلَهُ التَّكَسُّبُ لِحَاجَةٍ قَدْ تَعْرِضُ لَهُ أَوْ لَهُمْ.

وَتُسَنُّ الصَّدَقَةُ بِمَا فَضَلَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّكَسُّبِ مَعَ الِاتِّكَالِ عَلَى النَّاسِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَيَجِبُ التَّكَسُّبُ وَلَوْ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ وَنَذْرٍ وَطَاعَةٍ وَكَفَّارَةٍ وَمُؤْنَةٍ تَلْزَمُهُ ذَكَرَهُ كُلَّهُ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

إذَا الْمَرْءُ لَمْ يَطْلُبْ مَعَاشًا لِنَفْسِهِ ... شَكَا الْفَقْرَ أَوْ لَامَ الصَّدِيقَ فَأَكْثَرَا

وَصَارَ عَلَى الْأَدْنَيْنِ كَلًّا وَأَوْشَكَتْ ... صِلَاتُ ذَوِي الْقُرْبَى لَهُ أَنْ تَنَكَّرَا

وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ مَا مَعْنَاهُ أَقْسِمُ بِاَللَّهِ لَوْ عَبَسَ الزَّمَانُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015