الثالث: أن نقول: قول القائل إنه ورد في زيارة قبره أحاديث صحيحة قول لم يذكر عليه دليلاً، فإذا قيل له لا نسلم أنه ورد في ذلك حديث صحيح احتاج إلى الجواب، وهو لم يذكر شيئًا من تلك الأحاديث كما ذكر قوله: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)، وكما ذكر زيارته لأهل البقيع وأحد، فإن هذا صحيح، وهنا لم يذكر شيئًا من الحديث الصحيح، فبقي ما ذكره دعوى مجردة تقابل بالمنع.

الوجه الرابع: أن نقول: هذا قول باطل، لم يقله أحد من علماء المسلمين العارفين بالصحيح، وليس في الأحاديث التي وريت بلفظ زيارة قبره حديث صحيح عند أهل المعرفة، ولم يخرج أرباب الصحيح شيئًا من ذلك، ولا / أرباب السنن المعتمدة كسنن أبي داود والنسائي والترمذي ونحوهم، ولا أهل المسانيد التي من هذا الجنس كمسند أحمد وغيره، ولا في موطأ مالك، ولا مسند الشافعي ونحو ذلك شيء من ذلك، ولا احتج إمام من أئمة المسلمين -كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم- بحديث فيه ذكر زيارة قبره، فكيف تكون في ذلك أحاديث صحيحة ولم يعرفها أحد من أئمة الدين ولا علماء أهل الحديث؟ ومن أين لهذا وأمثاله أن تلك الأحاديث صحيحة وهو لا يعرف هذا الشأن.

الوجه الخامس: قوله: وغيرها مما لم تبلغ درجة الصحيح، لكنها يجوز الاستدلال بها على الأحكام الشرعية ويحصل بها الترجيح.

فيقال له: اصطلاح الترمذي ومن بعده أن الحديث ثلاثة أقسام: صحيح، وحسن، وضعيف. والضعيف قد يكون موضوعًا يعلم أنه كذب، وقد لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015