فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، فَإِنْ جَاءَ وَأَمْضَى الصَّدَقَةَ فَلَهُ ثَوَابُهُ، وَإِلَّا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ، أَوْ يُضَمِّنَ الْمِسْكِينَ، أَوْ يَأْخُذَهَا إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى غَنِيٍّ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا إِنْ كَانَ فَقِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَا يَبْقَى عَرَّفَهُ إِلَى أَنْ يَخَافَ فَسَادَهُ، وَيُعَرِّفُهَا فِي مَكَانِ الِالْتِقَاطِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ. وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً كَالنَّوَى وَقُشُورِ الرُّمَّانِ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ، وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَا فَوْقَهَا يُعَرِّفُهَا حَوْلًا، وَفَوْقَ الْعَشَرَةِ إِلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ شَهْرًا، وَفِي الْعَشَرَةِ جُمُعَةً، وَفِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِي دِرْهَمٍ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً وَنَحْوَهَا تَصَدَّقَ بِهَا مَكَانَهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَكَلَهَا مَكَانَهَا قُدِّرَ لِكُلِّ لُقَطَةٍ عَلَى قَدْرِهَا فَكَأَنَّهُ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. وَالتَّعْرِيفُ أَنْ يُنَادِيَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ وَالْمَسَاجِدِ: مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ فَلْيَطْلُبْ عِنْدِي.

قَالَ: (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا إِنْ شَاءَ) إِيصَالًا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ إِيصَالُهُ إِلَى مَالِكِهِ صُورَةً وَمَعْنًى، فَإِذَا تَعَذَّرَتِ الصُّورَةُ يُوَصِّلُهُ إِلَيْهِ مَعْنًى وَهُوَ الثَّوَابُ.

(وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا) لِاحْتِمَالِ مَجِيءِ صَاحِبِهَا (فَإِنْ جَاءَ وَأَمْضَى الصَّدَقَةَ فَلَهُ ثَوَابُهُ) لِأَنَّهُ مَالُهُ (وَإِلَّا لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ أَوْ يَضْمَنَ الْمِسْكِينَ أَوْ يَأْخُذَهَا إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً) ، أَمَّا تَضْمِينُهُ فَلِأَنَّهُ سَلَّمَ مَالَهُ إِلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِذْنُ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ كَأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَ الْمَخْمَصَةِ. وَأَمَّا تَضْمِينُ الْمِسْكِينِ فَلِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. وَأَمَّا أَخْذُهَا فَلِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ.

قَالَ: (وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ) أَمَّا الْمُلْتَقِطُ فَلِأَنَّهُ مَلَكَهَا مِنْ وَقْتِ التَّصَدُّقِ بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلِأَنَّهُ عِوَضُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ. قَالَ: (وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى غَنِيٍّ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا» ، وَالصَّدَقَةُ لَا تَكُونُ عَلَى الْغَنِيِّ كَالْوَاجِبَاتِ.

قَالَ: (وَيَنْتَفِعُ بِهَا إِنْ كَانَ فَقِيرًا) كَغَيْرِهِ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَيُعْطِيهَا أَهْلَهُ إِنْ كَانُوا فَقُرَاءَ لِمَا مَرَّ.

قَالَ: (وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَا يَبْقَى) كَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَنَحْوِهَا (عَرَّفَهُ إِلَى أَنْ يَخَافَ فَسَادَهُ) ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ خَوْفًا مِنَ الْفَسَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِصَاحِبِهَا بِالثَّوَابِ دُنْيَا وَأُخْرَى.

(وَيُعَرِّفُهَا فِي مَكَانِ الِالْتِقَاطِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ) فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ يَصِلَ صَاحِبُهَا. وَسَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ وَجَدْتَهَا فَإِنْ وَجَدْتَ صَاحِبَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَتَصَدَّقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْقِيمَةِ.

قَالَ: (وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً كَالنَّوَى وَقُشُورِ الرُّمَّانِ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ) ; لِأَنَّ رَمْيَهَا إِبَاحَةٌ لِلْأَخْذِ دَلَالَةً. قَالَ: (وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ) ; لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تُسْقِطُ الْمِلْكَ عَنِ الْعَيْنِ خُصُوصًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ لِلْمُلْتَقِطِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015