وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي قَبْضِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ؛ وَلَوْ قَالَ: مَاتَ الْمُودِعُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَصَدَّقَهُ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، وَلَوِ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنَ الْمُودِعِ وَصَدَّقَهُ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَيْهِ.

[كتاب الكفالة]

كِتَابُ الْكَفَالَةِ وَهِيَ ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فِي الْمُطَالَبَةِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلدَّافِعِ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْغَائِبُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلْغَائِبِ قَطْعًا أَوْ مُحْتَمَلًا.

قَالَ: (وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي قَبْضِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ) لِأَنَّهَا مَالُ الْغَيْرِ فَلَا يَصَّدَّقُ عَلَيْهِ فَلَوْ دَفَعَهَا ضَمِنَ.

(وَلَوْ قَالَ: مَاتَ الْمُودِعُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَصَدَّقَهُ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقَدِ انْتَقَلَ مَالُهُ إِلَى وَارِثِهِ، فَإِذَا صَدَّقَهُ أَنَّهُ الْوَارِثُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ مَالِكًا فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ.

(وَلَوِ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنَ الْمُودِعِ وَصَدَّقَهُ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَهْمَا كَانَ حَيًّا فَمِلْكُهُ بَاقٍ فَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَيْهِ فِي انْتِقَالِهِ بِالْبَيْعِ وَلَا بِغَيْرِهِ.

[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

ِ (وَهِيَ) فِي اللُّغَةِ: الضَّمُّ، قَالَ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] أَيْ ضَمَّهَا إِلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» أَيِ الَّذِي يَضُمُّهُ إِلَيْهِ فِي التَّرْبِيَةِ، وَيُسَمَّى النَّصِيبُ كِفْلًا لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَضُمُّهُ إِلَيْهِ.

وَفِي الشَّرْعِ: (ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فِي الْمُطَالَبَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ، وَلِهَذَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ لِعَدَمِ بَقَاءِ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ عَقْدُ وَثِيقَةٍ وَغَرَامَةٍ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ وُصُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ إِلَى إِحْيَاءِ حَقِّهِ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ أَوَّلُهَا مَلَامَةً وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةً وَآخِرُهَا غَرَامَةً دَلَّ عَلَى شَرْعِيَّتِهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» أَيِ الْكَفِيلُ ضَامِنٌ، وَبُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ يَتَكَفَّلُونَ فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ لَدُنِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.

وَرُكْنُهَا قَوْلُ الْكَفِيلِ: كَفَلْتُ لَكَ بِمَالِكَ عَلَى فُلَانٍ، وَقَوْلُ الْمَكْفُولِ لَهُ: قَبِلْتُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَبُولُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا الْتِزَامُ مُطَالَبَةٍ لِلْحَالِ لَا غَيْرُ. وَعِنْدَهُمَا الْمُطَالَبَةُ لِلْحَالِ وَإِيجَابُ الْمِلْكِ فِي الْمُؤَدَّى عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ، وَشَرْطُهَا: كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ لِلْكَفِيلِ لِيَصِحَّ الِالْتِزَامُ بِالْمُطَالَبَةِ وَيُفِيدَ فَائِدَتَهَا، وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ صَحِيحًا حَتَّى لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْكِتَابَةِ نَظَرًا لِلْعَبْدِ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى الْعِتْقِ.

وَحُكْمُهَا: صَيْرُورَةُ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مَضْمُومَةً إِلَى ذِمَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015