لَكِنِّي سَائِلُكَ يَا أَخَا الْيَمَنِ عَنْ أَرْبعِ خِصَالٍ، إِنْ أَقْرَرْتَ بِهَا قُهِرْتَ، وَإِنْ أَنْكَرْتَهَا قُتِلْتَ.

قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَمِنَّا أَمْ مِنْكُمْ؟ قَالَ: بَلْ مِنْكُمْ.

قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ خَلِيفَةِ اللَّهِ الْمُرْتَضَى، أَمِنَّا أَمْ مِنْكُمْ؟ قَالَ: بَلْ مِنْكُمْ.

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ عَلَيْنَا أَمْ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: بَلْ عَلَيْكُمْ.

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ الْمُسْتَقْبِلِ، أَلَنَا أَمْ لَكُمْ؟ قَالَ: بَلْ لَكُمْ.

قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَعْدُلُ هَذِهِ الْخِصَالُ.

فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَاللَّهِ يَا خَالِدُ، مَا فَرَغْتَ مِنْ كَلامِكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُعْرَجُ بِسَرِيرِي إِلَى السَّمَاءِ، مَالَكَ يَا يَمَانِيُّ وَرِجَالَ مُضَرَ، تُفَاخِرُ هَاشِمًا؟ ثُمَّ أَمَرَ لِخَالِدٍ بِمِائَةِ أَلْفِ دَرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ سَبْعِينَ جَرِيبًا فِي أَرْضِ الْعَرَبِ بِالْبَصْرَةِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِي النَّضَّاحِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ بُدَيْلٍ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: وَفَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ التَّمِيمِيُّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَقَامَ بِبَابِهِ أَيَّامًا، ثُمَّ دَعَا بِهِ هِشَامٌ لَيْلا فَسَاءَلَهُ عَمَّا قَدِمَ لَهُ، وَعَنْ خُرَاسَانَ، فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ عَقْلِهِ وَبَصَرِهِ بِأَمْرِ خُرَاسَانَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ رَجُلا عَاقِلا عَالِمًا بِخُرَاسَانَ، فَسَمِّ لِي رِجَالَهَا، وَمَنْ تَرَى أَنَّ مِنْهُمْ يَصْلُحُ لَهَا.

قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَهَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُزَاحِمٍ السُّلَمِيُّ، وَهُوَ شَيْخُ خُرَاسَانَ، وَسَيِّدُهَا فِي سِنِّهِ وَفَضْلِهِ وَعَقْلِهِ مِنْ رَجُلٍ، فِيهِ خَصْلَةٌ.

قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: بُخْلٌ لا يُنَادِي وَلِيدَهُ.

فَقَالَ هِشَامٌ: لا يَسْتَقِيمُ لِخُرَاسَانَ رَجُلٌ يُوصَفُ بِالْبُخْلِ.

سَمِّ لِي غَيْرَهُ.

قَالَ: يَحْيَى بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ الذُّهْلِيُّ، فَتَى خُرَاسَانَ سَخًى وَبَأْسًا مِنْ رَجُلٍ، فِيهِ خَصْلَةٌ.

قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: يَشْرَبُ بِاللَّيْلِ.

قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ أَصْحَابِهَا.

سَمِّ غَيْرَهُ.

قَالَ: قَطْنُ بْنُ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيُّ، رَجُلُ خُرَاسَانَ عَفَافًا وَعَقْلا وَحِلْمًا وَسَخَاءً وَكَمَالا.

قَالَ: فِيهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَوْتُورٌ، وَتَرَهُ قَوْمُهُ.

قَالَ: سَمِّ غَيْرَهُ.

قَالَ: فَثَمَّ أَخُوهُ سَلَمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَلَيْسَ بِدُونِ مَنْ سَمَّيْتُ لَكَ سَخَاءً وَحِلْمًا وَسُؤْدُدًا، مَا رَأَيْنَا شَيْخًا فِي نُسْكِ شَابٍ غَيْرِهَ.

قَالَ: فَسَمِّ لَنَا غَيْرَهُ.

قَالَ: نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ، رَجُلُ خُرَاسَانَ بَأْسًا وَحَزْمًا وَتَجْرِبَةً وَشِدَّةَ رَأْيٍ، مِنْ رَجُلٍ لا عَشِيرَةَ لَهُ بِهَا.

قَالَ: وَمِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ.

قَالَ: فَأَنَا عَشِيرَتُهُ، وَلَنْ يُذَلَّ مَنْ كُنْتُ عَشِيرَتَهُ.

قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَاحِبُهَا، وَمَنْ كُنْتَ عَشِيرَتَهُ فُهُوَ عَزِيزٌ.

قَالَ: فَأَمَرَ هِشَامٌ بِالْعَهْدِ أَنْ يُكْتَبَ لِنَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ عَلَى خُرَاسَانَ، وَيُدْفَعُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَالَ لَهُ: دَعْنِي وَسِرْ إِلَيْهِ بِعَهْدِهِ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَخَرَجْتُ وَالْعَهْدُ مَعِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى سَرْخَسَ وَبَهَا حَفُصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبَّادٍ الذُّهْلِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015