السُّؤَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونْ

هل يتأتَّى نقضٌ من المفتي أو لا يتأتَّى إِلَّا مِن حاكم؟ وقولُ الفقهاء: حكمُ الحاكم في مسائل الخلاف والإجتهاد لا يُرَد ولا يُنقَضُ، هل يَخصُّ ذلك الحُكَّامَ أو يَعمُّ الفريقين: الحُكام والمفتين؟

جَوَابُهُ

أنَّ النقض لا يكون إلَّا لمن يكون له الإبرامُ فيما يكون فيه النقض. وإِنشاء الحكم في مَوَاضع الخلاف إِنما هو للحكام، فكذلك النقضُ والفسخُ إِنما هو لهم. والمفتي ليس له إنشاءُ الحكم فليس له نقضُه، كما أنَّ الوليَّ في المحجور عليه له إِنشاءُ العقود على أموال المحجور عليه، وله فسخُها، والمحجورُ عليه ليس له إِنشاؤها، فليس له فسخُها. وكذلك المرأةُ ليس لها إِنشاءُ عقد النكاح على نفسها، فليس لها حَلُّه. والعبدُ ليس له أن يُزوِّجَ نفسه بغير إِذن سيده، فليس له فسخُ العقد عن نفسه إِلَّا أن يأذن له سيده في النكاح فله الطلاق، لأنه بالإِذن صار له الإِنشاء.

وهذه قاعدةٌ كثيرةُ الفروع، من لا يَملك العقدَ لا يملك الحَلّ، وبها استَدلَّ علينا الشافعيةُ في التعليقِ قبلَ النكاحِ والملكِ إِذا قال: إِن تزوَّجتُكِ فأنتِ طالق، وإِن اشتريتُكَ فأنتَ حُرّ. قالوا: لم يَملك الآن عصمة فلا يَملك طلاقاً، أولم يَملك إِنشاءَ الطلاق فلا يَملك تعليقه. وكذلك قالوا في العتق، مع أنَّ الزوج والسيد لهما الإِنشاء من حيث الجُملةُ إِجماعاً إِذا مَلَكا العصمةَ والرقّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015