الباب الثامن في البيان ومعناه

قال علي قد بينا في باب تفسير الألفاظ الدائرة بين أهل النظر حد البيان وتفسيره ونحن نقول إن التخصيص أو الاستثناء نوعان من أنواع البيان لأن بيان الجملة قد يكون بتفسير كيفيتها وكميتها دون أن يخرج من لفظها شيء يقتضيه في اللغة كقوله تعالى وآتوا الزكاة فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هية هذه الزكاة المأمور بإيتائها دون أن يخرج من لفظ الزكاة شيئا وكذلك فسر عليه السلام من صفات النكاح والحج وغير ذلك وقد يكون باستثناء مثل ما روى عن نهيه عليه السلام عن بيع الرطب بالتمر ثم استثنى العرايا فيما دون خمسة أوسق فكان هذا مخرجا بحكم العاريا من جملة النهى المتقدم وقد يكون الاستثناء بألفاظ الاستثناء مثل إلا وخلا وحاشا وما لم وما أشبه ذلك وقد يكون حكما وأردا بلفظ الأمر أو بلفظ الخبر مستثنى من جملة أخرى وهذا يسمى التخصيص كتحريمه تعالى نكاح المشركات جملة ثم جاءت إباحة نكاح نساء أهل الكتاب بالزواج فكان هذا تخصيصا من الجملة المذكورة وأما النسخ فهو رفع الحكم أو بعضه جملة والفرق بينه وبين الاستثناء والتخصيص أن الجملة الواردة التي جاء التخصيص أو الاستثناء منها لم يرد الله تعالى قط إلزامها لها على عمومها وقتا من الدهر كالذي ذكرنا من تحريم المشركات فإنه لم يرد قط بذلك نكاح نساء الكتابيين بالزواج وكذلك القول في العرايا وأما النسخ فإننا مكلفون بالجملة الأولى على عمومها مدة ما لم يأت أمر بإبطالها عنا أو إبطال بعضها على ما تبين في باب النسخ إذا بلغنا إليه إن شاء الله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015