بحيث لا يخطر للبشرية على بال، لولا أن الله أراده لها، وحققه في حياتها .. في ظلال القرآن، ومنهج القرآن، وشريعة القرآن.

ثم وقعت تلك النكبة القاصمة ونحي الإسلام عن القيادة. نحي عنها لتتولاها الجاهلية مرة أخرى، في صورة من صورها الكثيرة. صورة التفكير المادي الذي تتعاجب به البشرية اليوم، كما يتعاجب الأطفال بالثوب المبرقش واللعبة الزاهية الألوان!

إن هناك عصابة من المضللين الخادعين أعداء البشرية. يضعون لها المنهج الإلهي في كفة والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى ثم يقولون لها: اختاري!!!

اختاري إما المنهج الإلهي في الحياة والتخلي عن كل ما أبدعته يد الإنسان في عالم المادة، وإما الأخذ بثمار المعرفة الإنسانية والتخلي عن منهج الله!!!

وهذا خداع لئيم خبيث. فوضع المسألة ليس هكذا أبدا .. إن المنهج الإلهي ليس عدوا للإبداع الإنساني. إنما هو منشئ لهذا الإبداع وموجه له الوجهة الصحيحة .. ذلك كي ينهض الإنسان بمقام الخلافة في الأرض. هذا المقام الذي منحه الله له، وأقدره عليه، ووهبه من الطاقات المكنونة ما يكافىء الواجب المفروض عليه فيه وسخر له من القوانين الكونية ما يعينه على تحقيقه ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ليملك الحياة والعمل والإبداع .. على أن يكون الإبداع نفسه عبادة لله، ووسيلة من وسائل شكره على آلائه العظام، والتقيد بشرطه في عقد الخلافة وهو أن يعمل ويتحرك في نطاق ما يرضي الله. فأما أولئك الذين يضعون المنهج الإلهي في كفة، والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى .. فهم سيئو النية، شريرون، يطاردون البشرية المتعبة الحائرة كلما تعبت من التيه والحيرة والضلال، وهمت أن تسمع لصوت الحادي الناصح، وأن تؤوب من المتاهة المهلكة، وأن تطمئن إلى كنف الله ...

وهنالك آخرون لا ينقصهم حسن النية ولكن ينقصهم الوعي الشامل، والإدراك العميق ..

هؤلاء يبهرهم ما كشفه الإنسان من القوى والقوانين الطبيعية، وتروعهم انتصارات الإنسان في عالم المادة. فيفصل ذلك البهر وهذه الروعة في شعورهم بين القوى الطبيعية والقيم الإيمانية، وعملها وأثرها الواقعي في الكون وفي واقع الحياة ويجعلون للقوانين الطبيعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015