فما يعد أقصى أماني الرؤساء الطغاة في الجمهوريات، هو أبسط الحقوق للملوك في الملكيات والأنظمة الوراثية!

وقد سبق أن كتبت مقالا بعنوان (الثورة العربية بين الأنظمة الجمهورية والملكية) تحدثت فيه عن حالة الهزيمة النفسية والخور لدى أفراد الشعب في ظل الملكيات، وسأحاول في هذا المقال كشف ما تمارسه الأنظمة الملكية من سحر ديني وإعلامي وثقافي تدجن من خلاله الشعوب لخدمتها وعبادتها والخضوع لها مع ضعفها وتخلفها!

فما هو هذا السحر في الأنظمة الوراثية حتى تنقاد لها الشعوب هكذا كقطيع من الأغنام على نحو وادع مهما سفك الطغاةمن دمائها، وانتهكوا من أعراضها، وصادروا من حرياتها وحقوقها، ومهما نهبوا من ثرواتها!

وقد رأينا كيف مات ملوك وأمراء بلغت تركاتهم لورثتهم عشرات المليارات من ثروات شعوبهم وقوتهم، ومع ذلك بقي لهم في نفوس كثير من شعوبهم التي أفقروها وأذلوها كل حب وإجلال وتأليه!

إن السر وراء ذلك هو في قيام الأنظمة الملكية والوراثية في أصل نشأتها الفرعوني على أساس التأله البشري باسم الملك، وارتكازه على ثلاثة أركان (الخرافة والسحر والدين)،حيث تتشكل في ظلها ثقافة دينية وحالة نفسية، تجعل من الشعوب عبيدا في صورة مواطنين، وتجعل من الملوك آلهة وأربابا، في صورةبشر متميزين، مصوني الذات، مستحقي الثناء والمجد والمدح، فلا يتصور والحال هذه أن يكونوا مصدر الشر والظلم، بل يقع الظلم دون أذنهم ودون معرفتهم، وكل ما تحتاجه شعوبهم هو أن تتضرع إليهم أن يرفعوا عنها الظلم والضيم والضر، ويدفعواعنها الفقر والشر، لينعم شعبهم بالأمان والعدل تحت ظل عروشهم، حيث لا ظل إلا ظلهم

إنها الركائز الثلاث (الخرافة والسحر والدين) التي قامت عليها الملكيات المستبدة وما تزال!

فالخرافة حيث يغيّب العقل والمنطق، فلا تدرك العقول قبح ما هي فيه من عبودية وذل لبشر ضعيف ليس له من القوة إلا ما منحته الشعوب، ولا من السلطة إلا ما تنازلت عنها له!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015