وأول ما يجب البحث فيه وكشف خوافيه؛ ما طرأ على دينها من تحريف وتبديل، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (?)

--------

مما يؤكد أن دين المسلمين اليوم ليس هو الدين الحق الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان سببا لظهورهم على الأمم، بل هو دين اختلط فيه الحق بالباطل، بل طمست فيه معالم الخطاب القرآني بتأويلات الخطاب السلطاني، الذي قام علماء السوء باختراعه، من أجل إضفاء الشرعية على كل انحراف تقوم به السلطة، حتى نجح الاستعمار نفسه في توظيف هذا الخطاب السلطاني في خدمة مخططاته الاستعمارية في أرض الإسلام باسم الإسلام.

فإذا الأمة تتقرب إلى الله بالاستسلام لعدوها، وترى ذلك من طاعة الله ورسوله، وهو ما لم يخطر على بال أعداء الأمة؛ أن يجدوا الطريق أمامهم مفتوحا باسم الدين والإسلام والقرآن؟!

لقد تولى كبر هذه الجريمة الأحبار والرهبان وعلماء السلطان الذين قال فيهم الإمام عبدالله بن المبارك:

وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها؟!

لقد ظهر البون شاسعا والفرق واضحا، بين الخطاب القرآني، والخطاب السلطاني، في مضامينهما وغاية كل منهما وثمرتهما ...

فقد جاء الخطاب القرآني؛ ليحرر الخلق كافة من كل أشكال العبودية لغير الله تحت شعار "لا إله إلا الله" وليخرجهم من الظلمات إلى النور، كما في قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم:1].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015