ومن أخذ منهم الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ، قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خلاف، وكان قَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى لِسَرِقَتِهِ، وَقَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لمجاهرته. ومن خرج مِنْهُمْ وَلَمْ يَقْتُلْ، وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ اقْتَصَّ منه بالخراج، إن كان في مثله قصاص وهو إلى خيار مستحقه يجب بمطالبته، ويسقط بعفوه وليس بمحتم، وإن كان مما لاقصاص فيه وجبت ديته للمجروح إن طالب بها، وتسقط إذا عفاه. ومن كان منهم ردءا أجرى عليهم أحكام قطاع الطريق، وإن لم يباشروا بالفعل. وإن تابوا من جرائمهم بعد القوة عليهم، سقطت عنهم المآثم، دون المظالم، فيؤخذون بما وجب عليهم من الحدود والحقوق. وإن تَابُوا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، سَقَطَتْ عَنْهُمْ مَعَ المآثم حدود الله تعالى، ولم تسقط حقوق الآدميين. فمن كان قد قتل منهم فالخيار إلى وليّ الدم في القصاص أو العفو، ويسقط بالتوبة انحتام القتل، والقطع، والصلب. وتجري أحكام قطاع الطريق والمحاربين في الأمصار، كما تجري عليهم في الصحاري. وقد سئل أحمد رحمه الله تعالى عن المحاربين في المصر، فتوقف عن الجواب فيهم. وقال الخرقي في مختصره: والمحاربون الذين يعرضون للقوم في الصحراء بالصلاح.

وإذا دعوا التوبة قبل القدرة عليهم نظرت، فَإِنْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالدَّعْوَى أَمَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَى التوبة لم تقبل دعواهم لها في سقوط حدود، وإن اقترفت بدعواهم أمارات تدل على التوبة قبلت، ليكون ذلك شبهة يصح بها درء الحد. وأصل هذا من كلام أحمد رحمه الله ما قاله في رواية أي داود ومهنا، فقال في رواية أبي داود في سرية دخلت بلاد الروم فاستقبلهم أعلاج، فأخذوهم فقالوا: جئنا مستأمنين، فإن استدل عليهم بشيء قيل له: إنهم وقفوا فلم يجردوا سلاحاً. فرأى أن لهم الأمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015