ونقصان، فالكمال في قلة الوجود: أنه يرجع إلى واحدة؛ إذ لا أقل من الواحد، ويكون بحيث يستحيل وجود مثله، وليس هذا إلا لله، فإن الشمس وإن كانت واحدة في الوجود ولكنها ليست واحدة في الإمكان؛ لأنه لا يمكن وجود مثلها. وأما كونه منتفعًا به، فالكمال فيه أن يكون جميع المنافع حاصلة منه، ولا يحصل من غيره، وما ذاك إلا لله سبحانه وتعالى، فإنه هو المبدئ لوجود جميع الممكنات، فإنه سبحانه هو الذي يحتاج إليه كل شيء في ذاته، وصفاته، وبقائه. أما صعوبة الوصول إليه؛ فالكمال فيه هو ألا يكون لأحد قدرة عليه، وتكون قدرته على الكل حاصلة، والحق كذلك؛ لأنه لا سبيل للعقول إلى الإحاطة بكنه صمدتيه، ولا سبيل للأبصار إلى الإحاطة بعظيم جلالة، ولا سبيل لأحد من الخلق إلى القيام بشكر آلائه ونعمائه، فثبت أن كمال هذه الصفات حاصلة لله سبحانه وتعالى لا لغيره، فوجب القطع بأنه سبحانه وتعالى هو العزيز المطلق. والله أعلم.

والمعنى: أن الله جل ذكره يخبر أنه العزيز الغالب، الذي لا يغلبه أحد، ولا يقهره شيء، بل هو القاهر فوق عباده، يفعل ما يشاء، ومن أراد من عباده عِزَّ الحياة الدنيا والآخرة؛ فليطعه يكن عزيزًا قويًا غالبًا، وذلك بأن يجتنب المنهيات، ويفعل المأمورات، ولا يقول إلا خيرًا. اللهم وفقنا لذلك، واهدِ العصاة من عبيدك يا رب!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015