وقسمٌ يأتي به المسلمُ على قدرِ طاقتِه، وليس بمكلَّفٍ به حتمًا، ولا يأثمُ بتركِه، وإنما يزدادُ بفعلِه عند اللهِ قُربًا، وجزاءُ هذا العملِ الازديادُ في الأجرِ والثوابِ والارتقاءُ في درجاتِ الجنَّةِ، فإنَّها درجاتٌ؛ مابين الدرجةِ والتي تليها كما بينَ السماءِ والأرضِ.

وهذا القسمُ يتمثَّلُ في النوافلِ والسُّننِ ومكارمِِ الأخلاقِ.

وقد قدَّم اللهُ القسمَ الأولَ على الثَّاني وجعلَ القربَ من اللهِ لا يكون إلا به، ثم يزدادُ بالثَّاني محبةً وقربةً، وقد بيَّن ذلك الحديثُ النبويُّ القدُسيُّ الصحيحُ الذي يرويه المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم عن ربِّه فيقول: (يقول اللهُ عزَّ وجلَّ: ماتقرَّب إليَّ عبدي بأحبَّ مما افترضتُه عليه، ولا يزالُ عبدي يتقرُّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يبصرُ به، ويدَه التي يبطشُ بها، ورِجلَه التي يمشي بها، ولَئِن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه) متفق عليه.

فمن ذا الذي لا يريدُ قربَ اللهِ، ومن ذا الذي لا يريدُ أن يكونَ اللهُ لهُ مُحبًّا؟!، وهل يفرطُ الحبيبُ في حفظِ حبيبِه أو نصرتِه أو عطائِه؟!، الكُلُّ يتمنى ذلكَ، ولكن؛ هل كلٌّ يستطيعُ أن يتقرَّبَ إلى اللهِ بالفرائضِ، ويزدادَ تنفُّلاً حتى يُحِبَّه اللهُ ويكونَ سمعَه وبصرَه فلا يسمعُ إلا باللهِ، ولايبصرُ إلا به؟!

إنَّ هذا الفضلَ لا يمكن أن يُسدى هكذا دون بذلٍ أو تعبٍ، وهل يتفوقُ الكسلانُ، أو هل ينجحُ المهملُ؟!

لا بدَّ من البذلِ، لا بدَّ من الجهادِ للنفسِ والشيطانِ.

وإنِّي لأهمسُ في آذانِ إخواني.. الحياةُ كلُّها تعبٌ، ولا راحةَ فيها لأحدٍ، ويؤكد ذلكَ قولُه تعالى: (فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) [طه:117] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015