(2) باب تفضيل نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جميع الخلائق

3 - (2278) حدَّثنى الحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا هِقْلٌ - يَعْنِى ابْنَ زِيَادٍ - عَنِ الأَوْزَاعِىِّ، حَدَّثَنِى أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ القَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ": قال الهروى: السيد: الذى يفوق قومه فى الخير، وقد بين ذلك [فى الحديث] (?) بقوله: " وأول من ينشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع ". وقال غيره: قالها - عليه السلام - هنا لأن السيد هو الذى ينزع إليه القوم فى النوائب والشدائد، فيقوم بأمورهم، ويتحمل عنهم مكارههم، ولدفعها عنهم. وبقية الحديث يفسر معناه من قوله: " أنا خطيبهم إذا وفدوا؛ وشفيعهم إذا حبسوا، ومبشرهم إذا ما يأسوا، ولا فخر ".

وخص - عليه السلام - ذلك يوم القيامة بهذا الحديث، وهو سيد ولد آدم فى الدنيا والآخرة، كما جاء مطلقاً فى غير هذا الحديث؛ يلجأ جميعهم إليه يوم القيامة - آدم ومن ولد - يشفع لهم فى الموقف، ولم يبق حينئذ من ينازعه السؤدد، لا حقيقة ولا باطلاً، كما نازعه إياه فى الدنيا ملوك الكفرة وغيرهم من زعماء المشركين. وهذا كما قال تعالى: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار} (?) وله الملك قبل ذلك اليوم بلا شك، لكن كان فى الدنيا مدعون للملك ومتصفون به، ويوم القيامة ذهب ذلك كله وانقطعت الدعاوى فيه، وخلص حقاً لله الواحد القهار.

وفيه جواز التحدث بنعمة الله على عبده؛ إذا أمن بها العجب والفخر، وخلص من الكبر، كما قال - عليه السلام -: " ولا فخر " فى هذا الحديث. وهو هنا فى حق النبى واجب تبليغ لما يجب أن تعتقده أمته، وتدين لله به فى حقه وطاعته.

ولا يعارض هذا قوله: " لا تفضلوا بين الأنبياء " (?) ولا قوله: " ما ينبغى لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى " (?) لوجوه، منها: أنه يحتمل أن ذلك كان قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015