نُهِىَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُلاَمَسَةِ والْمُنَابَذَةِ. أَمَّا المُلاَمَسَةُ فَأَنْ يَلْمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ. وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إِلَى الآخَرِ، وَلَمْ يَنْظُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فأما المتعاقدان، فمن حقهما أن يكونا مطلقى اليد والاختيار. فقولنا: يكونا مطلقى اليد احترازاً ممن يحجر عليه، وهم أربعة أصناف:

أحدهم: من يحجر عليه بحق نفسه وهو السفيه، ويدخل فيه المجنون والصغير والعاقل البالغ الذى لا يميز أمور دنياه.

والثانى: من يحجر عليه لحق غيره ممن ملك أعيان ما فى يديه كالسيد مع عبده. والثالث: من يحجر عليه لمن يخاف أن يملك عن ما فى يديه كالمريض مع ورثته، وقد تلحق به الزوجة مع زوجها، والمرتد مع المسلمين.

والرابع: من يحجر عليه لحق من يملك ما فى ذِمَّته كالمديان مع غرمائه. ولكن طرق الحجر تختلف مع هؤلاء ونستقصى كل فصل فى موضعه إن شاء الله.

والسفيه يمنع من البيع رأساً. وكذلك العبد إذا شاء سيده، وكذلك المرتد، والمديان إذا ضرب على أيديهما، والمريض والزوجة يمنعان إذا حييا محاياةً (*) تزيد على ثلثهما. وعندنا اختلافٌ فى السفيه إذا كان مهملاً، فقيل: تمضى بياعاته، وقيل تُردَّ، وقيل: تُردَّ إن كان ظاهرَ السفه، وتمضى إن كان خفيَّه.

وكان المحققون من شيوخنا يختارون الردَّ؛ لأن السفيه المحجورَ [عليه] (?) رُدَّ بيعه اتفاقًا. فكان المحققين رأوا أن الرد من مقتضى السفه، فردوا أفعال المهمل، ورأى بعض أصحاب مالك الرد من مقتضى الحجر، فاجازوا أفعاله؛ إذ لا حجر عليه. والأصح عند شيوخنا أنه من مقتضى السفه؛ لأن الحجرَ كان عن السفه، ولم يكن السفه عن الحجر، واذا كان [الحجر عن السفه] (?) ومن مقتضاه وجب أن يكون الرد فى السفيه المحجور عليه لأجل السفه لا لأجل الحجر.

وكان شيخى - رحمه الله - يقول: فإن السفه عِلَّةٌ فى رد الأفعال، بدليل الاتفاق على رد أفعال الصغير، والمجنون، ومن بلغ سفيهًا ولمَ يبلغ الخمسة والعشرين عامًا، فإن الاتفاق على رد فعل هؤلاء إذا كانوا فى الحجر وإذا ثبت رشدُ السفيه وجب تسليمُ ماله إليه، فدل ذلك على أنَّ العلَّةَ وجود السفه، والعلة حيثما وجدت اقتضت حكمها، هذا المعنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015