كَذَبْتُ عَليْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وفيه فنزل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُم} الآية (?).

ويحتمل أنه كره السؤال لما فيه من قُبْح النازلة والفاحشة، وهتك ستر المسلم، أو لما كان من نهيه عن كثرة السؤال، إما سداً لِباب سؤال أهل التشغيب من الجهلة والمنافقين وأهل الكتاب، أو لما يخشى من كثرة السؤال من التضييق عليهم فى الأحكام، التى لو سكتوا عنها لم يلزموها وتركوا إلى اجتهادهم، كما قال: " اتركونى ما تركتكم، فإنما هلك ممن كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبيائهم " (?)، ولما جاء عنه: " أعظم الناس جُرماً من سأل عما لم يحرم فحرم من أجل مسألته " (?).

قال الإمام: المسائل إذا كانت مما يضطر إليها السائل فلا بأس بها، وقد كان - عليه السلام - يُسأل عن الأحكام فلا يكره ذلك وإن كان على جهة التعنيت فهو منهى عنه. وعاصم هذا إنما سأل لغيره، ولعله لم تكن به ضرورة إلى ذلك.

وقوله: " قد أنزل فيك وفى صاحبتك، فاذهب فأت بها "، قال القاضى: يحتمل أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرف أن عويمراً - صاحب المسألة - حين كرر السؤال له عنها إما بما دل عليه من قوله أو حاله بما لم يذكر فى الحديث، أو بوحى أوحى إليه عند نزول آية اللعان.

وقوله: " فتلاعنا ": أجمع المسلمون على صحة حكم اللعان بين الزوجين؛ إذا ادعى رؤية، وكذلك قال الجمهور: إذا نفى ولداً. واختلفوا فيما بعد ذلك، فقالت فرقة: لا لعان فى القذف المجرد، وهو أحد قولى مالك وقول الليث وأبى الزناد والبتى ويحيى بن سعيد، وأن فى هذا الحد بكل حال، وقال الكوفيون والشافعى والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث باللعان فى القذف المجرد، وروى أيضاً عن مالك.

واختلفوا إذا أقام الزوج البينة على زناها، فعند مالك والشافعى: يلاعن؛ إذ لا عمل للشهود فى نفى الولد. وقال أبو حنيفة وداود: إنما اللعان لمن لم يأت بأربعة شهداء، فمن أتى بهم فلا لعان.

واختلفوا فى اللعان بنفى الحمل وفى وقته، فمذهب الكوفيون (?) إلى أنه لا لعان إلا أن ينفيه ثانية بعد الولادة، وهو قول عبد الملك بن الماجشون، كذا حكاه عنه أبو عمر بن عبد البر، وذهب الشافعى إلى أن كل من نفى الحمل يلاعن، وهو قول أحمد وداود وأبى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015