والثاني: أنهم لما تميزوا بخروجهم عن الطباع من الرسالة تميزوا بما يخرج عن عرف الطباع من الإعجاز.

وقال آخرون منهم: بل العلة في إبطال النبوّات أن ما يظهرونه من المعجز الخارج عن العادة قد يوجد مثله في أهل الشعبذة (?) والمخرقة وأهل النار نجيات وليس ذلك من دلائل صدقهم فكذلك أحكام المعجزات، وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أن الشعبذة تظهر لذوي العقول وتندلس على الغر الجهول فخالفت المعجزة التي تذهل لها العقول.

والثاني: أن الشعبذة تستفاد بالتعليم فيتعلمها من ليس يحسنها فيصير مكافئا (?) لمن أحسنها ويعارضها بمثلها والمعجزة مبتكرة لا يتعاطاها غير صاحبها ولا يعارضه أحد بمثلها كما انقلبت عصى موسى حية تسعى تلتقف ما أفكه السحرة فخرّوا له سجدا، ولئن كان في إبطاله هذه الشبهة دليل على إثباتها فيستدل على إثبات النبوّات من خمسة أوجه وإن اشتملت تلك الأجوبة على بعضها.

أحدها: أن الله تعالى منعم على عباده بما يرشدهم إليه من المصالح ولما كان في بعثة الرسل ما لا تدركه العقول كان إرسالهم من عموم المصالح التي تكفل بها.

والثاني: أن فيما تأتي به الرسل من الجزاء بالجنة ثوابا على الرغبة في فعل الخير، وبالنار عقابا يبعث على الرهبة في الكف عن الشر، صارا سببا لائتلاف الخلق وتعاطي الحق.

والثالث: أن في غيوب المصالح ما لا يعلم إلّا من جهة الرسل فاستفيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015