فإن قلت: فمن نصب «أو يرسل» كيف القول فيه مع انفصال الفعل ب «أن» وكونه معطوفا على الحال؟

فالقول فيه: إنه يكون المعنى: أو بأن يرسل، فيكون «الفاء» على هذا في تقدير الحال، وإن كان الجار محذوفا.

وقد قال أبو الحسن في قوله: (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) (?) .

(وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا) (?) : إن المعنى: وما لكم في أن لا تأكلوا، وأنه في موضع حال كما أن قوله: (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (?) كذلك، فكذلك يكون قوله: «أو يرسل» فيمن نصب، في موضع الحال لعطفه على ما هو حال.

قال أبو علي في موضع آخر: ما بعد حرف الاستثناء لا يعمل فيما قبله، فلا يجوز: ما زيد طعامك إلا أكل لأن «إلا» مضارع لحرف النفي.

ألا ترى أنك إذا قلت: جاءنى القوم إلّا زيدا، فقد نفيت المجيء عن «زيد» ب «إلا» ، فكما لا يعمل ما بعد حرف النفي فيما قبله، كذلك لا يعمل ما بعد «إلا» فيما قبلها. فإن قلت: فهلا لم يعمل ما قبلها فيما بعدها فلم يجز: ما زيد آكل إلا طعامك؟ قيل: ما قبلها يجوز أن يعمل فيما بعدها، وإن لم يجز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، ألا ترى أنه قد جاز: علمت ما زيد منطلق. وقوله تعالى: (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (?) (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا) (?) ، فيعمل ما قبلها فيها، ولم يجز ما بعدها أن يعمل فيما قبلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015