قال: وحدثني من لا أتهم به أنه سمع عربياً يتكلم بمثل قوله: إن زيداً لذاهب، وهي التي في قوله: (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا) «1» ، وهذه «إن» مخففة من «إن» الشديدة.

قال أبو علي: أما «إن» في الآي فالقول فيها أنها مخففة من الثقيلة، وقد دخلت على الفعل مخففة، وامتنعت من الدخول عليه مشددة فالجواب أنها امتنعت من ذلك مثقلة لشبهها بالفعل في إحداثها النصب والرفع، كما يحدثهما الفعل من حيث لم يدخل الفعل على الفعل لم تدخل هي أيضاً عليه، وأصلها أنها حرف تأكيد، وإن كان لها هذا الشبه الذي ذكرنا بالفعل، فإذا خففت زال شبه الفعل عنها، فلم تمتنع من الدخول على الفعل إذ كانت الجمل المخبر بها على وجهين: مبتدأ وخبر، وفعل وفاعل، وقد تحتاج المركبة من الفعل والفاعل من التأكيد إلى مثل ما تحتاج إليه المركبة من المبتدأ والخبر، فدخلت المخففة على الفعل مؤكدة، إذ كان أصلها التأكيد، وزال المعنى الذي كان امتنع من الدخول على الفعل، وهو شبهها به، ولزوال شبهها بالفعل اختير في الاسم الواقع بعدها الرفع، وجاء أكثر القراءة على ذلك، كقوله: (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) «2» ، و: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) «3» ، فمن حيث اختير الرفع في الاسم الواقع بعدها جاز دخولها على الفعل في الآي التي تلوناها أو غيرها.

وأما اللام التي تجئ بعدها مخففة فهي لأن تفرق بينها وبين «إن» التي تجئ نافية بمعنى «ما» ، كالتي في قول الله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015