ومن ذلك قوله: (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ) (?) ، أي: أنزل إليك لتنذر، فأخر اللام المتعلق بالإنزال.

وقيل: فلا يضيق صدرك بأن يكذبوك. عن الفراء- فيكون «اللام» متعلقاً بالحرج.

ومن ذلك قوله: (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) (?) ، أي: كانوا يظلمون أنفسهم.

ومنه: (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (?) ، و (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) (?) .

هذا يدل على جواز: يقوم كان زيداً، ألا ترى أن «أنفسهم» منتصب ب «يظلمون» ، فإذا جاز تقديم مفعوله جاز تقديمه وجاز وقوعه موقع المعمول.

فأما قوله: (وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (?) ففي موضعه ثلاثة أقوال:

رفع بالعطف على «كتاب» ، وقيل: بل مبتدأ مضمر.

وإن شئت كان نصبا ب «تذكر» ، أي، لتنذر فتذكر.

وإن شئت هو جر باللام، أي: لتنذر وللذكرى.

وضعفه ابن عيسى فقال: باب الجر باب ضيق لا يتسع فيه الحمل على المعاني:

وليس الأمر كما قال، لأنا عرفنا أن تعد اللام مضمرة، وكأنه قال:

للإنذار به وذكرى للمؤمنين، وإذاً جاء: (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا) (?) ، والتقدير: وبعد أن شهدوا، لم يكن لنظر أبي الحسن مجال في هذا الباب، وابن من أنت من أبي علي، وكلامك ما تراه من الاختصار والإيجاز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015