ألا ترى أن الناس/ حملوا قوله تعالى: (وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) (?) فيمن جر على (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (?) وعلم «قيله» ، وليس بعده من المعطوف عليه وتراخيه عنه بأقل من هذا، وهذا كثير.

والجهة الأخرى، وهي أن الضمير لهاروت وماروت. والتقدير: (ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون منهما) .

فلا يعود إلى الملكين، إنما يعود إلى هاروت وماروت، وجاز (يُعَلِّمُونَ) حملا على المعنى.

ويجوز عطف (يَتَعَلَّمُونَ) على (ما يُعَلِّمانِ) ، فيكون التقدير: وما يعلمان من أحد فيتعلمون منهما، فيكون الضمير الذي في (يَتَعَلَّمُونَ) على هذا التأويل «لأحد» .

إلا أنه جمع لما حمل على المعنى، كقوله تعالى: (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (?) . وارتفاعه لا يمنع عطفك إياه على هذا الفعل الذي ذكرناه، لأن هذا الفعل، وإن كان منفيا في اللفظ، فهو موجب في المعنى. ألا ترى أن معناه: يعلمان كل أحد إذا قالا له: (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) .

ويجوز أن يكون معطوفاً على مضمر دل عليه الكلام، وهو: يأبون فيتعلمون. إلا أن قوله (فَلا تَكْفُرْ) نهى عن الكفر، فدل (فَيَتَعَلَّمُونَ) على إبائهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015