جعلت (مَنْ) مفعولة لصار المعنى أنّه يعلم العقلاء خاصة ولا يعلم سواهم وهذا لا يصح على القديم.

* * *

قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ)

يقال ما معنى (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ)؟

والجواب: أنّه تعالى وطأ لهن الهواء، ولولا ذلك لسقطن، وفي ذلك أكبر آية، قال مجاهد وقتادة: الطير تصفُّ أجنحتها تارة وتقبضها أخرى.

ومما يسأل عنه أن يقال: كيف عطف (يَقْبِضْنَ) وهو فعل على (صَافَّاتٍ) وهو اسم، ومن الأصل المقرر أنّ الفعل لا يُعطف على الاسم، وكذلك الاسم لا يعطف على الفعل؟

والجواب: أنّ (يَقْبِضْنَ) وإن كان فعلًا فهو في موضع الحال وتقديره تقدير اسم فاعل، و (صَافَّاتٍ) حال، فجاز أن يعطف عليه، فكأنه قال: أولم يرو أنّ الطير فوقهم صافات وقابضات، وقد جاء مثل هذا في الشعر، قال الراجز:

بات يُغَشِّيها بعَضْبٍ باترٍ ... يَقْصِدُ في أَسْوُقِها وجائِرُ

* * *

قوله تعالى: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22))

يقال: ما معنى الاستفهام هاهنا، وقد عُلم أنّ من يمشي على صراطٍ مستقيم أهدى ممن يمشي مُكِبًّا؟

والجواب: أنّه إنكار وتبكيت وليس باستفهام في الحقيقة؛ لأنّ الاستفهام إنما يكون عن جهل من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015