القسم الثالث: شرح اعتقاد أهل الحديث الذي قرره الإمام الأشعري في مقالاته.

...

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3.

أما بعد: فقد انتسب إلى أبي الحسن الأشعري في هذا العصر كثير من المسلمين وأطلقوا على أنفسهم الأشاعرة نسبة إليه وادعوا أنهم ملتزمون بما هو عليه في الاعتقاد وخاصة في مسائل الصفات والحقيقة أنهم لم يأخذوا بالعقيدة التي اعتنقها إمامهم في نهاية حياته كما في كتاب (الإبانة) و (المقالات) ، ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف كتابه (الإبانة) مداراة للحنابلة وتقية، وخوفاً منهم على نفسه.

وهذا كلام فيه نظر، بل إنه خطير جداً، إذ أن فيه قدحاً في الإمام أبي الحسن الأشعري واتهاماً له بأنه يبدل عقيدته- في الظاهر- على حسب الأحوال والملابسات، أو مجاراة للتيارات الفكرية السائدة، وهذه مسألة خطيرة، لأنه نوع من النفاق فالغاية لا تبرر الوسيلة عند أهل الحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015