باب الحدود

باب الحدود أو أولها حد الزنا، وهو أكبر الكبائر، بعد القتل، وقيل هو مقدم عليه.

(يجلد) وجوبا (إمام) أو نائبه دون غيرهما خلافا للقفال (حرا مكلفا زنى) بإيلاج حشفة أو قدرها من فاقدها في فرج آدمي حي قبل أو دبر ذكر أو

ـــــــــــــــــــــــــــــ

باب الحدود

أي باب في بيان الحدود أسبابها.

والحدود جمع حد، وهو لغة المنع، وشرعا ما ذكر من الجلد أو الرجم ونحو ذلك من كل عقوبة مقدرة.

وسميت بذلك لمنعها من ارتكاب الفواحش.

وشرعت حفظا للكليات الستة المنظومة في قول اللقاني: وحفظ دين ثم نفس مال نسب ومثلها عقل وعرض قد وجب فشرع القصاص حفظا للنفس وقتل الردة حفظا للدين، وقد تقدمك وحد الزنا حفظا للنسب، وحد القذف حفظا للعرض، وحد السرقة حفظا للمال، وحد الشرب حفظا للعقل.

وبيان ذلك أنه إذا علم القاتل أنه إذا قتل قتل انكف عن القتل فكان ذلك سببا لحفظ النفس، وهكذا يقال في الباقي.

واعلم: أن ارتكاب الكبائر لا يسلب الايمان ولا يحبط الطاعات: إذ لو كانت محبطة لذلك للزم أن لا يبقى لبعض العصاة طاعة والقائل بالاحباط يحيل دخوله الجنة.

قال السبكي: والأحاديث الدالة على دخول من مات غير مشرك الجنة بلغت مبلغ التواتر وهي قاصمة لظهور المعتزلة القائلين بخلود أهل الكبائر في النار ذكره المناوي (قوله: أولها) أي أول الحدود وقوله حد الزنا.

هو بالقصر لغة حجازية، وبالمد لغة تميمية (قوله: وهو) أي الزنا.

وقوله أكبر الكبائر بعد القتل: أي لقوله تعالى: * (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) * ولاجماع أهل الملل على تحريمه فلم يحل في ملة قط، ولهذا كان حده أشد الحدود في الجملة (قوله: وقيل هو) أي الزنا (وقوله مقدم عليه) أي على القتل لان فيه جناية على النسب وعلى العرض.

وفي ع ش ما نصه: وفي كلام بعض شراح الجامع الصغير أن أكبر الكبائر الشرك بالله ثم قتل

النفس وأن ما وراء ذلك من السبع الموبقات وغيرها كالزنا لا ترتيب فيه وإنما يقال في كل فرد منه من أكبر الكبائر.

اه (قوله: يجلد وجوبا) أي لقوله تعالى: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * وقوله: فاجلدوا أمر وهو للوجوب.

وقوله إمام أو نائبه: هذا إذا كان الزاني حرا أو مبعضا، فإن كان رقيقا لا يتحتم فيه الامام، بل يجوز للسيد أن يحده ولو بغير إذن الامام كما سيذكره لخبر مسلم إذا زنت أمة أحدكم فليحدها وخبر أبي داود والنسائي أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم (قوله: دون غيرهما) أي الإمام أو نائبه فلا يستوفي الحد.

وقوله خلافا للقفال: أي القائل بأن لغير الامام أن يستوفيه (قوله: حرا) خرج الرقيق فلا يجلد مائة بل نصفها، كما سيذكره، (وقوله: مكلفا) أي ولو حكما فشمل السكران المتعدي بسكره.

وخرج به الصبي والمجنون والسكران غير المتعدي فلا يجلدون، ولا بد أن يكون المكلف ملتزما للاحكام.

وخرج به الحربي والمستأمن وأن يكون واضح الذكورة وخرج الخنثى المشكل إذا أولج آلة الذكورة في فرج فلا يحد لان إيلاجه لا يسمى زنا لاحتمال أنوثته وكون هذا عضوا زائدا (قوله: زنى بإيلاج حشفة) أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015