من مواقفهم التي يخدمون دولهم منها وقد يكون من هذه الشروط حجب تعامل الدولة التي تقبل المعونة مع دول أجنبية أخرى غير الدولة صاحبة المعونة، بل قد يشترط المعونة تأييد الدولة المتفضلة بالمعونة في مواقفها السياسية والإعلامية.. وقد يكون من شروط المعونة تغيير قوانين داخلية في الدولة وباختصار التنازل عن شرف الدولة وسيادتها وليس هناك استعمار أبلغ وأشد مكراً من هذا الاستعمار، بل ما عرف تاريخ الأرض استعماراً على هذا النحو تتنازل فيه الدولة التي تقبل المعونة الخارجية عن سيادتها فتغير قوانينها وتحدد سياستها الخارجية بما يتلاءم مع (الصديق) الذي يقدم (المعونة) بل وتقتل أيضاً أبناءها وتشرد أهل الغيرة والوطنية والشرف منهم إرضاء للصديق الذي يقدم (المعونة) ..

باختصار المعونات الخارجية هي أعظم وسائل الاستعمار الحديث ولكنها تأتي في أسلوب عصري (مغلف مبطن) يأتي فيه السيد المستعمر ببعض أمواله وأسلحته ومشاريعه إلى دولة محتاجة، وفي مقابل هذا يسلب هذه الدولة المحتاجة سيادتها وثرواتها وشرفها وعزها، تماماً تماماً، كما كان السيد الإنجليزي والفرنسي يأتي قبل قرنين من الزمان يحمل في جيبه (مرآة) ثم يأتي إلى الأفريقي الساذج الذي يملك مزرعة عظيمة من المطاط أو الكاكاو فيقول له: انظر فإذا نظر الأفريقي في المرآة ورأى بياض أسنانه وحمرة لسانه وسواد بشرته تعجب جداً وتنازل للإنجليزي عن مزرعته ليحصل على (اختراعه) العجيب، لم تتغير حقيقة الاستعمار المعاصر على الاستعمار الحديث عن الاستعمار القديم وإنما تغير الأسلوب فقط، فكلمة الاستعمار نفسها كانت تعني (طلب الإعمار) وهكذا تقدم الإنجليز والفرنسيون إلى الدول الفقيرة لإعمارها وإخراجها من فقرها في زعمهم، ثم كان الاحتلال العسكري والسياسي، واليوم بعد نفرة الشعوب من رؤية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015