فسادا والله لا يحب المفسدين} ..

فإذا فهم هذا فيستحيل عقلاً وشرعاً أن تكون إرادة الله أن ينعموا بالاستقرار والسلام. بل ينبغي أن نحكم أن الذي يسعى في سبيل ذلك إنما يسعى مضاداً ومعارضاً لإرادة الله الكونية القدرية التي لا تتخلف..

وإذا حدث لبعض الوقت ولفترة ما أن ينعم اليهود في الأرض بالاستقرار والسلام فلا يكون هذا إلا لعاملين اثنين لا ثالث لهما..

العامل الأول أن يقوموا برسالة الله في الأرض وأن ينشروا التوحيد ويقيموا الصلاة ولا يكون ذلك إلا باتباعهم محمد صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام. واليهود في فلسطين الآن ليسوا كذلك..

والعامل الثاني أن يمدهم الله سبحانه وتعالى بإمداد وحبل من عنده وأن يمدهم الناس لتتحقق حكمة يريدها الله سبحانه وتعالى وهذا لا يكون إلا استثناء من القاعدة العامة في بقائهم مشتتين مقهورين إلي قيام الساعة. وقد فصل الله ذلك في القرآن حيث قال لرسوله والمؤمنين معه عنهم: {لن يضروكم إلا أذى، وأن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} . وقد كان، فقد كان ضررهم للرسول والمؤمنين مجرد الأذى فقط فلم يقتلوا من المسلمين في صدر الإسلام عدداً يذكر ولم يهزموهم في معركة مع تبجحهم وغطرستهم وحصونهم واستعانتهم بكل القوى المشركة المحيطة بهم. وقد فصل الله أسباب ذلك فقال: {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس، وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا، وكانوا يعتدون..} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015