1

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

المرسلات

سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا

يُقْسِمُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ، وَاخْتُلِفَ فِي: وَالْمُرْسَلَاتِ، وَ: فَالْعَاصِفَاتِ، وَ: وَالنَّاشِرَاتِ.

فَقِيلَ: هِيَ الرِّيَاحُ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ أَوِ الرُّسُلُ، وَعُرْفًا أَيْ: مُتَتَالِيَةً كَعُرْفِ الْفَرَسِ، وَاخْتَارَ كَوْنَهَا الرِّيَاحَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ. وَاخْتَارَ كَوْنَهَا الْمَلَائِكَةَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.

وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ: أَنَّهَا الرُّسُلُ، قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ وَقَالَ: تَوَقَّفَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ جَرِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ عِنْدَهُ مِنْ إِرَادَةِ الْجَمِيعِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى مُحْتَمَلٌ وَلَا مَانِعَ عِنْدَهُ.

وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهَا الرِّيَاحُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ [15 \ 22] ، وَقَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ [7 \ 57] .

وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي مُذَكِّرَةِ الْإِمْلَاءِ، أَمَّا الْفَارِقَاتُ، فَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ، وَقِيلَ: آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَرَجَّحَ الشَّيْخُ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا الْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا

فَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُهَا فِي سُورَةِ «الصَّافَّاتِ» عِنْدَ قَوْلِهِ: فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا [37 \ 3] .

وَفِي مُذَكِّرَةِ الْإِمْلَاءِ. قَوْلُهُ: عُذْرًا: اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْإِعْذَارِ، وَمَعْنَاهُ قَطْعُ الْعُذْرِ.

وَمِنْهُ الْمَثَلُ: مَنْ أَعْذَرَ فَقَدْ أَنْذَرَ، وَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَالنَّذْرُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، وَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَيْضًا، وَالْإِنْذَارُ: الْإِعْلَامُ الْمُقْتَرِنُ بِتَهْدِيدٍ، وَ «أَوْ» فِي قَوْلِهِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015