59

وَأَحَلْنَا عَلَيْهِ مِرَارًا، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا: مُؤْتَفِكَةٌ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَفَكَهَا فَائْتُفِكَتْ، وَمَعْنَى أَفَكَهَا أَنَّهُ رَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ ثُمَّ قَلَبَهَا جَاعِلًا أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا، وَجَعْلُ عَالِيهَا أَسْفَلَهَا هُوَ ائْتِفَاكُهَا وَإِفْكُهَا.

وَقَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَةِ هُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً الْآيَةَ [11 \ 82] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحِجْرِ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ [15 \ 73 - 74] .

وَقَدْ بَيَّنَّا قِصَّةَ قَوْمِ لُوطٍ فِي هُودٍ وَالْحِجْرِ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَهْوَى تَقُولُ الْعَرَبُ: هَوَى الشَّيْءُ إِذَا انْحَدَرَ مِنْ عَالٍ إِلَى أَسْفَلَ. وَأَهْوَاهُ غَيْرُهُ إِذَا أَلْقَاهُ مِنَ الْعُلُوِّ إِلَى السُّفْلِ، لِأَنَّ الْمَلَكَ رَفَعَ قُرَاهُمْ ثُمَّ أَهْوَاهَا أَيْ أَلْقَاهَا تَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ مُنْقَلِبَةً أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ.

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النَّحْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ [16 \ 1] ، وَفِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ [40 \ 18] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ.

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا إِطْلَاقُ اسْمِ الْحَدِيثِ عَلَى الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الطُّورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ الْآيَةَ [52 \ 34] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015