الخاتمة

تبيّن من خلال هذا البحث أن بذرة الدراسات اللغوية العربية لغة ونحواً كانت في المدينة، منذ وقت مبكر في عهد الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم من أمراء بني أمية، لعوامل ساعدت على نشأة هذه العلوم، ومن أبرزها:

1- ظهور اللحن وانتشاره.

2- حماية القرآن من اللحن.

3- محاولة فهم القرآن ودرسه.

وأرى أن الدرس اللغوي والنحوي بخاصة لا يعزى في وضعه لعالم بعينه، إنما هو جملة من الأنظار والملحوظات والإرشادات اللغوية التي أثارها جماعة من التابعين وأصحاب الذائقة اللغوية الرفيعة من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، فأسهموا جميعاً - بدرجات متفاوتة - في إرساء الأسس النحوية الأولى في المدينة، تم انتشرت هذه الملحوظات والأنظار، وتداولها المهتمون بالعربية في الأمصار، كالبصرة في بادئ الأمر ثم الكوفة، فكانت هذه الملحوظات النواة للنحو العربي الذي نضج في أواخر القرن الثاني.

وكان لبعض الشخصيات قدم راسخة في إرساء الأساس لبنيان العربية الشامخ، كعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأبي الأسود الدؤلي، وابن عباس - رضي الله عنهما - ونصر بن عاصم الليثي وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني، وكان اشتهارهم في هذا الفن مع تقدم زمانهم مدعاة لأن يرفع الرواة والمؤرخون من شأنهم وينسبوا إليهم وضع العربية والنحو بخاصة.

وقد أهمل أمر اللغويين والنحاة في المدينة، وضاع كثير من نتاجهم وآرائهم وملحوظاتهم لأسباب بَيّنتها، تتلخص في انشغال المسلمين في صدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015