اسواق الذهب (صفحة 108)

السجع

السجع شعر العربية الثاني، وقواف مرنة ريضة خصت بها الفصحى، يستريح إليها الشاعر المطبوع، ويرسل فيها الكاتب المتفنن خياله، ويسلو بها أحيانا عما فاته من القدر القدرة على صياغة الشعر، وكل موضع للشعر الرصين، من حكمة تخترع، أو مثل يضرب، أو وصف يساق، وربما وشيت به الطوال من رسائل الأدب الخالص، ورصعت به القصار من فقر البيان المحض؛ وقد ظلم العربية رجال قبحوا السجع وعدوه عيبا فيها، وخلطوا الجميل المتفرد بالقبيح المرذول منه: يوضع عنوانا لكتاب، أو دلالة على باب، أو حشوا في السياسة، أو ثرثرة في المقالات العلمية؛ فيا نشء العربية؛ إن لغتكم لسرية مثرية؛ ولن يضيرها عائب ينكر حلاوة الفواصل في الكتاب الكريم، ولا سجع الحمام في الحديث الشريف، ولا كل مأثور خالد من كلام السلف الصالح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015