مدة قصيرة. وقال ابن عرفة: هي عقد المسلم مع الحربي على المسألة أي المتاركة ليس هو فيها تحت حكم الإسلام، ولجوازها أربعة شروط: الأول أن يكون العاقد لها الإمام أو نائبه لا غير. الثاني أن تكون لمصلحة كالعجز عن القتال مطلقاً أو في وقت، مجاناً أو بعوض على وفق الرأي السديد للمسلمين، لقوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فأجنح لها} [الأنفال: 61] فإن لم تظهر المصلحة بأن قوي المسلمون لم تجز. الثالث أن تخلو عن شرط فاسد كشرط بقاء مسلم أسير بأيديهم أو بقاء قرية للمسلمين خالية منهم، أو أن يحكموا بين كافر ومسلم، أو أن يأخذوا منا مالاً إلا لخوف منهم فيجوز كل ما منع، الرابع ألا تزيد على المدة التي تدعو إليها الحاجة على حسب الاجتهاد. وقال أبو عمران: يستحب أن لا يزيد على أربعة أشهر إلا مع العجز، ووجب الوفاء بما عاهدناهم عليه، وإن استشعر الإمام خيانتهم بأن ظنها ظناً قوياً بظهور دلائلها نبذ العهد قبل المدة وأعلمهم وجوباً أنه لا عهد لهم، وأنه يريد قتالهم، وإن تحقق خيانتهم نبذه بغير إنذار. قال تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين} [الأنفال: 58] قال الصاوي: خطاب عام للمسلمين وولاة الأمور، وإن كان أصل نزولها في قريظة. قال: والحاصل أنه إذا ظهرت أمارات نقض العهد وجب على الإمام أن ينبذ عهدهم ويعلمهم بالحرب قبل الركوب عليهم، بحيث لا يعد الإمام غادراً لهم. وإن ظهرت الخيانة ظهوراً مقطوعاً به فلا حاجة إلى نبذ العهد ولا الإعلام، بل يبادرهم بالقتال اهـ. وأما مسألة رد الرهائن فجائز لمصلحة رآها الإمام والمسلمون كما تقدم. قال خليل فيما يجب من الوفاء بالعهد: ووجب الوفاء وإن برد الرهائن ولو أسلموا وإن رسولاً إن كان ذكراً. قال الخرشي: تقدم

أن الإمام يلزمه أن يوفي لهم بشروطهم الصحيحة التي اشترطوها عليه حتى لو شرطوا أن يرد إليهم من جاءنا منهم مسلماً من الرجال فإنه يوفي لهم بذلك وفاء بالعهد. وأما النساء فإنه لا يجوز ردهن إليهم لقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} [الممتحنة: 10] الآية. والله أعلم اهـ.

ولما أنهى الكلام على الجهاد وما يتعلق به انتقل يتكلم على الأيمان فقال رحمه الله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015