اسرار العربيه (صفحة 231)

الباب الرَّابع والخمسون: باب جمع التَّكسير

[عِلَّة جمع فَعْل في القلة على أَفْعُل]

إن قال قائل: لِمَ جمع "فَعْل" -بفتح الفاء، وسكون العين- في القلة على "أفْعُل"، وسائل أوزان الثلاثي، وهي "فِعْل، فَعْل، فَعَل، فَعِل، فُعْل، فِعَل، فُعَل، /فُعُل/1" تُجمع على: "أفْعَال"؟ قيل: لأنَّ "فَعْلا" أكثر استعمالاً من غيره، ومن2 سائر الأوزان، و"أفعُل" أخفُّ من "أفعال" فأعطوا ما يكثر استعماله الأخفَّ، وأعطوا ما يقلُّ استعماله الأثقلَ؛ ليعادلوا بينهما؛ فأمَّا قولهم: "فَرْخ وأَفْرَاخ، وأنف وآناف، وزَنْد وأَزْناد" في حروف معدودة فشاذٌّ، لا يقاس عليه، على أنهم قد تكلموا عليها، فقالوا: إنما قالوا في جمع: فرخ: أفراخ؛ لوجهين:

أحدهما: أنهم حملوه على معنى "طيْر"؛ فكما قالوا على جمع: طَيْر: أطيار؛ فكذلك، قالوا في جمع: فرْخ: أفراخ؛ لأنَّه في معناه.

والوجه الثاني: أنَّ فيه الرَّاء؛ وهو3 حرف تكرير فينزل التَّكرير فيها بمنزلة الحركة؛ فصار بمنزلة "فَعَل" بفتح العين؛ فجمع على "أفعال" كـ"جبل: وأجبال، وجمل: وأجمال"؛ قال الشاعر4: [البسيط]

ماذا تقولُ لأفراخٍ بذي مرخٍ ... زُغْب الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ

ألقيتَ كاسِبَهُم في قَعْرِ مَظْلَمةٍ ... فاغفِر عليك سلامُ الله يا عمرُ5

طور بواسطة نورين ميديا © 2015