اسرار العربيه (صفحة 194)

الباب الثالث والأربعون: باب التوكيد

[فائدة التوكيد]

إن قال قائل: ما الفائدة في التوكيد؟ قيل: الفائدة في التوكيد التحقيق، وإزالة التجوز في الكلام؛ لأن من كلامهم المجاز، ألا ترى أنهم يقولون: "مررت بزيدٍ" وهم يريدون المرور بمنزله ومحله1، و"جاءني القوم" وهم يريدون بعضهم؟ قال الله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ} 2 وإنماكان جبريل وحده؛ فإذا قلت: "مررت بزيدٍ نفسه" زال هذا المجاز، وكذلك إذا قلت: "جاءني القوم كلُهم" زال هذا المجاز أيضًا؛ قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ} 3 فزال هذا المجاز الذي كان في قوله: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} 4؛ لوجود التوكيد /فيه/5.

[ضربا التوكيد]

فإن قيل: فعلى كم ضرب التوكيد؟ قيل: على ضربين؛ توكيد بتكرير اللفظ، وتوكيد بتكرير المعنى؛ فأما التوكيد بتكرير اللفظ؛ فنحو /قولك/6: "جاءني زيد زيد، وجاءني رجل رجل" وما أشبه ذلك، وأما التوكيد بتكرير المعنى، فيكون بتسعة ألفاظ؛ وهي "نفسه، عينه، كلُه، أجمع، أجمعون، جمعاء، جُمَع، كلا، كلتا".

[علة وجوب تقديم بعض ألفاظ التوكيد على غيرها]

فإن قيل: فَلِمَ وجب تقديم "نفسه، وعينه" على "كلهم، وأجمعين"؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015