موطن آخر من مواطن التوسع في المعنى هو العطف على مغاير في المعنى مثل قوله تعالى في سورة يونس (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ {71} ) لا يقال في اللغة أجمع للشركاء وإنما يستخدم فعل أجمع للأمور المعنوية أما فعل جمع فيستخدم للأمور المادية والمعنوية فالمقصود في الآية أجمعوا أمرهم وجمعوا شركاءهم لأن كما أسلفنا لا يكون فعل أجمع مع الشركاء أو الأمور المادية أما جمع فتأتي مع الأمرين. ومثل ذلك ما جاء في قوله تعالى (والذين تبوؤا الدار والإيمان) الإيمان لا يتبؤأ إنما يتبوأ الدار فهنا عطف على الدار لكن ليس بنفس المعنى فالمقدّر له عامل آخر. وتقول العرب: "شراب ألبان وتمر" والمقصود أن التمر للأكل واللبن للشراب، إذن يذكر أمر ويُعطف عليه أمر ويُفهم بأن هناك محذوفاً يقتضيه المعنى وهذا من مواطن التوسع في المعنى في القرآن الكريم.

* ... موطن آخر من مواطن التوسع في المعنى هو أن يكون هناك جُمل تحتمل في بنائها أكثر من دلالة وكلها مُرادة:

مثال قوله تعالى في سورة الملك (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {13} أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {14} ) . ما المقصود بقوله تعالى (ألا يعلم من خلق) ؟ هل يقصد الخالق أم المخلوق؟ بمعنى ألا يعلم الخالق بعباده ويعلم ما يُسرّون وما يجهرون به (هنا تكون فاعل) ؟ ويحتمل أن يكون المعنى ألا يعلم الذين خلقهم؟ (وهنا تكون مفعول به) إذن (من خلق) تحتمل المعنيين الخالق والمخلوق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015