نعم، الجهل الذي يعذر فيه الجاهل لا يعذر في الأشياء الواضحة؛ إنما الجاهل الذي يُعذر يُعذر في الأشياء التي تخفى على مثله؛ فلو كان هناك إنسان يعيش بين المسلمين ثم فعل الزنا فلما عوقب قال: إني جاهل؛ فلا يقبل منه لأن هذا أمرٌ واضح؛ أو تعامل بالربا وهو يعيش بين المسلمين لا يقبل منه أو عبد الصنم وهو يعيش بين المسلمين في مجتمع موحِّد لا يقبل منه؛ لأن هذا أمر واضح، لكن لو أسلم كافر في مجتمع يتعامل بالربا ويرى الناس يتعاملون بالمعاملات الربوية ثم تعامل بالربا وقال إنه جاهل؛ فهذا مثله يجهل هذا الشيء، أو نشأ في بلاد بعيدة ولم يسمع بالإسلام وليس عنده وسائل هذا معذور، أما الإنسان الذي يفعل أمرا معلوما واضحا وهو بين المسلمين فهذا لا يُعذر، فلا بد أن تكون المسألة التي يُعذر فيها دقيقة خفية تخفى على مثله ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين في قصة الرجل الذي أمر أهله أن يحرقوه وجمع أهله حينما حضرته الوفاة وقد كان مسرفا على نفسه فجمع أولاده عند وفاته وقال: أي أبٍ كنت لكم؟ فأثنوا خيرا، فقال لهم: إنه لم يفعل خيرا قط وإن الله إن بعثه ليعذبنه عذابا شديدا فأخذ المواثيق على بنيه أنه إذا مات أن يحرقوه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015