وهو من مفاخرها، وكان صدراً من صدور طلبة الأندلس، وأفراد نجبائها، مختصا مقبولاً، هشا خلوبا، عذب الفكاهة، حلو المجالسة، حسن التوقيع، خفيف الروح، عظيم الانطباع، شره المذاكرة، فطناً بالمعاريض، حاضر الجواب، شعلة من شعل الذكاء، تكاد تحتدم جوانبه، كثير الرقة، فكهاً غزلا، مع حياء وحشمة، جواداً بما في يده، مشاركاً لإخوانه؛ نشأ عفا طاهرا، كلفاً بالقراءة، عظيم الدؤب، ثاقب الذهن، أصيل الحفظ، ظاهر النبل، بعيد مدى الإدراك، جيد الفهم؛ اشتهر فضله، وذاع أرجه، وفشا خبره، واضطلع بكثير من الأغراض، وشارك في جملة من الفنون، فأصبح متلقف كرة البحث، وصارخ الحلقة، وسابق الحلبة، ومظنة الكمال؛ ثم ترق في درج المعرفة والاطلاع، وخاض لجة الحفظ، وركض قلم التسويد والتقييد والتعليق، ونصب نفسه للناس متكلماً فوق الكرسي المنصوب، وبين الحفل المجموع، مستظهراً بالفنون التي بعد فيها شأوه، من عربية وبيان، وما تقذف به لجة النقل من أخبار وتفسير، متشوفا مع ذلك إلى السلوك مصاحباً للصوفية، آخذاً نفسه بارتياض ومجاهدة؛ ثم عانى الأدب، فكان أملك به.

ورحل في طلب العلم والازدياد، فترقى إلى الكتابة عن ولد السلطان أمير المسلمين بالمغرب أبي سالم بن أبي الحسن، وعرف في بابه بالإجادة، ثم رجع مع السلطان ابن الأحمر في طلب ملكه، فلطف محله منه، وخصه بكتابة سره،) وثابت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015