كما أن "الوقاية" المطلوبة للنفس وللغير، لا تختص بمرحلة معينة من مراحل حياة الإنسان، دون سواها من المراحل، بل هي واجبة في جميع مراحل الحياة البشرية، ولجميع طبقات المجتمع، من "الطفولة".. حتى:" الموت"..

وقد اهتمّ فقهاؤنا رحمهم الله تعالى في مؤلفاتهم، ببيان واجبات "المسؤول" في كل مرحلة من هذه المراحل، فوضّحوا الأحكام المتعلقة بواجب الأبوين نحو ولدهما، من حين ولادته، حتى يموتا عنه، أو يموت هو عنهما، وفصّلوا أيضا واجبات المعلمين والمرشدين، في تعليم النشء وتربية الشباب، وبينوا كذلك واجبات المجتمع، في التكافل والتضامن، لحمياة المسنين، والعجزة، والمعوّقين، الذين لا معيل لهم، وحدّدوا أيضا واجبات الحاكمين جميعا، ـ أي:" المسؤولين" أيا كانت وظائفهم ـ تجاه الشعب كله: أطفالا وشبابا.. كهولا وشيوخا.. رجالا ونساء..

ومما لا شك فيه: أن "مرحلة الشباب" من حياة الانسان، هي المرحلة الأخطر والأدق، باعتبارها بداية التكليف الشرعي، ونشوة العمر وجدّته، ولهذا اهتم المصلحون بالشباب، لرعاية شؤونهم، وتوجيه سلوكهم، وتقويم إنحرافهم، ووقاية أخلاقهم، ليغيشوا حياة سعيدة مستقرّة، ويكونوا سعداء صالحين.

ولا شك أيضا في: أن الشباب في عصرنا، مهملون مضيّعون.. مغشوشون مضللون.. تتخطفهم العقائد الفاشلة.. وتتجاذبهم التيارات الفاسدة.. لا موجّه يوجههم نحو هدف شريف.. ولا قائد لهم يقودهم صوب غاية حميدة.. ولا حاكم يعطيهم جهده واهتمامه، وعطفه وحنانه.. فلذلك: هم في ضياع.. وفراغ.. وصراع.. لا تمتدّ لنجدتهم يد.. ولا يوضع لمأساتهم حد.. ولا تعالج أزماتهم بالجدّ.

تجاه هذا الواقع السيئ لشبابنا.. رأيت من واجبي نحوهم، وهم أبنائي وإخوتي، أن أساعدهم بالنصيحة والرأي، وأعاونهم بالمشورة والتوجيه، فأبيّن لهم أخطر ما يعانون من أزمات ومتاعب، وأعرّفهم على أسبابها.. ومصادرها.. والمسؤول عنها.. وطرق حلها، والخروج منها، والتغلب عليها..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015