البحث عن المصادر الأصلية، فلا بد أن أجمع المصادر كلها، وهي من أصعب الخطوات، إذاً لا بدّ أن يكون لديّ ملكة ومعرفة من هم الذين يروون بالإسناد، فمثلاً كتاب " الكامل في الضعفاء " لابن عدي يروي بالإسناد، فهو مصدر أصلي، مع أنه في التراجم العامّة، وكذلك " الضعفاء " للعقيلي، مصدر أصلي لأنه يروي بالإسناد مع أنه كتاب تراجم

كيف أعرف المصادر الأصلية؟ أعرفها من خلال عزو المحدثين لها، فأجد الألباني مثلاً، يعزو لابن عدي في " الكامل "، ويعزو للعقيلي في " الضعفاء "، وهكذا.

فمعرفة المصادر شرط في معرفة تخريج الحديث، إذا أردت أن تحكم عليه أنت بنفسك.

فأحياناً تخرج الحديث وتبحث في الأسانيد، فيأتي الألباني في إرواء الغليل، يقول: وللحديث إسناد رواه ابن قانع في معجم الصحابة، وربما يكون لديك معجم ابن قانع، لكن لما لم تعرف هل هو مصدر أصلي أم لا؟ لم ترجع له.

ولا يوجد كتاب جمع فيه كل المصادر الأصلية أبداً، لكنها تأتي من خلال الممارسة والاطلاع وتكوين الملكة والخبرة كغيرها من العلوم.

وسنبدأ بتطبيق الخطوات على حديث نختاره وهو:

v عن حديث عائشة _ رضي الله عنها _ كان رسول الله r إذا خرج من الخلاء قال: " غفرانك ".

لو افترضنا أن جميع المصادر الأصلية موجودة في المكتبة الشاملة، فبحثنا فخرج لنا مثلاً:-

- رواه أبوداود، عمرو بن محمد الناقد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه حدثتني عائشة _ رضي الله عنها _ ثم ذكر الحديث، فنحتفظ بهذا الإسناد.

- ثم نرى نتيجة أخرى وهو أن الترمذي رواه أيضا فقال:

حدثنا البخاري حدثنا مالك بن إسماعيل عن إسرائيل بن يونس عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة _ رضي الله عنها _،فنحتفظ بهذا الإسناد.

- ونرى ابن ماجه قد رواه أيضا فقال:

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن أبي بُكَيْر حدثنا إسرائيل حدثنا يوسف بن أبي بردة سمعت أبي يقول دخلت على عائشة _ رضي الله عنها _ فسمعتها تقول ..... الحديث.

- ونرى نتيجة أخرى وهو أن الإمام أحمد رواه في مسنده فقال:

حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا إسرائيل عن يوسف عن أبي بردة عن أبيه ... ، فنحتفظ بهذا الإسناد

ونرى نتيجة أخرى وهو أن الإمام البخاري في الأدب المفرد رواه فقال:

حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها.

ونرى البيهقي أيضاً رواه فقال:

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس بن أحمد المحبوبي، بمرو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه،قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فسمعتها تقول.

فنفترض أن هذه كل المصادر التي وجدت فيها الحديث، وهذا افتراض للاختصار وإلا فهو معزو إلى أكثر من عشرين مصدرا

فهذه هي الخطوة الأولى، ثم بعد ذلك ننتقل إلى الخطوة التي بعدها.

الخطوة الثانية:-

استخراج مخرج الإسناد، فنرى الأسانيد السابقة، فنجدهم يختلفون في الرواية إلا في إسرائيل فاتفقوا، وفي هذه الخطوة تتأكد ولا تستعجل، وذلك بأن نتأكد أن الإسناد متفق من أول المخرج إلى الصحابي ففي مثالنا: من إسرائيل إلى عائشة فلا يوجد فرق في جميع المصادر لأنه أحيانا قد يكون المخرج واحدل لكنه قد اختلف الرواة عن المخرج فبعضهم ينقص رجلا ويعضهم يزيد راويا وبعضهم يجعله عن صحابي والآخر يجعله عن صحابي آخر

ففي مثالنا أتأكد أن كل الرواة عن إسرائيل كلهم يقولون عن إسرائيل عن يوسف عن أبيه عن عائشة لا أحد من الرواة يزيد مثلا راويا بين إسرائيل ويوسف أو يجعله الصحابي أبا هريرة مثلا، فهذا ما نسميه مخرج الإسناد، أو مدار الإسناد، لأن كل الأسانيد خرجت من هذا الطريق، فمثلاً هذا الحديث يروى من طريق إسرائيل، نقول: هذا غريب فرد لا نعرفه إلا من هذا الطريق، ثم بعد هذا ننتقل للخطوة التي بعدها.

الخطوة الثالثة:-

معرفة رواة المخرج وتحديدهم، أي أعرف الرواة عن إسرائيل.

- فعند أبي داود: راوي المخرج هو هاشم بن القاسم.

- وعند البخاري والترمذي: مالك بن إسماعيل.

- وعند ابن ماجه: يحيى بن أبي بُكَيْر.

- وعند الإمام أحمد: هاشم بن القاسم.

- وعند البيهقي: عبيد الله بن موسى.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015