المبارك , و رواية وكيع عن أبان بن عبد الله. ثانيا: قال محمد بن الفضيل بن عطية عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ابن مسعود قال: “ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا “. أخرجه الترمذي (509) و أبو يعلى في “ مسنده “ (3/ 1310 - 1311) و الطبراني في “ المعجم الكبير “ (9991) و تمام في “ الفوائد “ (11/ 2) و إسماعيل الصفار في “ الثاني من حديثه “ (7/ 2) و قال الترمذي: “ و في الباب عن ابن عمر , و محمد بن الفضل ذاهب الحديث , و العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و غيرهم يستحبون استقبال الإمام إذا خطب. و هو قول سفيان الثوري و الشافعي و أحمد و إسحاق , و لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء “. كذا قال , و فيه نظر لما تقدم من حديث ابن المبارك , و للشاهد الآتي. و قوله: “ ... عن ابن عمر “ لم أره مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فروى البيهقي بسنده عن أبي عمار (الأصل: أبي عامر): حدثنا الوليد بن مسلم أخبرني إسماعيل و غيره عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال: “ السنة إذا قعد الإمام على المنبر يوم الجمعة يقبل عليه القوم بوجوههم جميعا “. و بإسناده: حدثنا الوليد قال: فذكرت ذلك لليث بن سعد فأخبرني عن ابن عجلان أنه أخبره عن نافع: “ أن ابن عمر كان يفرغ من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام , فإذا خرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله “. قلت: و هذا إسناده جيد , رجاله مترجمون في “ التهذيب “ إلى ابن عمار و اسمه الحسين بن حريث المروزي , و ما في الأصل خطأ لعله من الطابع أو الناسخ , فإن الراوي عنه إبراهيم بن محمد بن الحسن , و هو ابن متويه الأصبهاني , و هو مترجم ترجمة حسنة في “ طبقات الأصبهانيين “ لأبي الشيخ و “ أخبار أصبهان “ لأبي نعيم , و هو من شيوخ أبي الشيخ , فقد ذكره المزي في الرواة عن أبي عمار , كما ذكر هذا في الرواة عن الوليد بن مسلم. و بالجملة , فهذا الأثر عن ابن عمر قوي الإسناد , و هناك آثار أخرى كثيرة , أخرجها ابن أبي شيبة في “ المصنف “ , و كذا عبد الرزاق في “ مصنفه “ (3/ 217 - 218) من ذلك عند ابن أبي شيبة عن المستمر بن الريان قال: رأيت أنسا عند الباب الأول يوم الجمعة قد استقبل المنبر. قلت: و إسناده صحيح على شرط مسلم. و إن مما لا شك فيه أن جريان العمل بهذا الحديث من الصحابة و من بعدهم لدليل قوي على أن له أصلا أصيلا عن النبي صلى الله عليه وسلم , و لاسيما أنه يشهد له قول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “ جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر و جلسنا حوله .. “. أخرجه البخاري (921 و 1465 و 2842 و 6427) و مسلم (3/ 101 - 102) و النسائي (1/ 360) و البيهقي (3/ 198) و أحمد (3/ 26 و 91) من طريق عطاء بن يسار عنه به , و له عندهم تتمه فيها: “ إنما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا .. “ الحديث. و قد أخرجها دون موضع الشاهد الحميدي في “ مسنده “ (2/ 325 / 740) و أبو يعلى (1/ 340) و قد وقع معزوا في “ صحيح الجامع الصغير و زيادته “ (2313) تبعا لأصله “ الفتح الكبير “ لـ (هـ) أي ابن ماجة و ما أظنه إلا وهما , فإنه لم يعزه إليه الحافظ المزي في “ التحفة “. ثم رأيته فيه (برقم 4043 - الدكتور الأعظمي) من طريق أخرى عن أبي سعيد مختصرا. هذا و قد أورد البخاري الحديث في “ باب يستقبل الإمام القوم , و استقبال الناس الإمام إذا خطب , و استقبل ابن عمر و أنس رضي الله عنهم الإمام “. ثم أسند تحته حديث أبي سعيد. قال الحافظ في “ الفتح “ (2/ 402): “ و قد استنبط المصنف من الحديث مقصود الترجمة , و وجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا , و لا يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث و هو جالس على مكان عال و هم جلوس أسفل منه , و إذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال خطبة أولى , لورود الأمر بالاستماع لها , و الإنصات عندها “. قال: “ من حكمة استقبالهم التهيؤ لسماع كلامه , و سلوك الأدب معه في استماع كلامه , فإذا استقبله بوجهه و أقبل عليه بجسده و بقلبه و حضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015