5 - سيرته العلمية:

لم تذكر لنا المصادر التي بين أيدينا بداية هذا الإمام في طلب العلم، وكيف كانت، ولكن الذي يبدو أنه طلب العلم بنفسه فطاف البلاد ورحل إلى الآفاق طلباً للعلم والعلماء، فشدَّ الرحال إلى البصرة ومصر والموصل ونسا وجرجان وبغداد ودمشق ونيسابور وعسقلان، وبيت المقدس وطبرية وهراة، وغيرها من المدن، وقد بلغ مجموع شيوخه قرابة ألفي شيخ، كما صرح في مقدمة كتابه " التقاسيم والأنواع " فقال: ((لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ من إسبيجاب إلى الإسكندرية)) (التقاسيم والأنواع 1/ 152).

وقد علق الذهبي على ذلك فقال: ((كذا فلتكن الهمم)) (سير أعلام النبلاء 16/ 94).

أبدع رحمه الله في شتى العلوم فإلى جانب تبحره في علم الحديث، كانت له معرفة واسعة في علم الفقه، مع القدرة الفائقة على استنباط المسائل والأحكام من النصوص، وأبدع أيضاً في علم العربية وعلم الطب والنجوم وغيرها، ويظهر ذلك واضحاً من خلال الثروة العلمية الهائلة من المصنفات التي خلفها لنا.

قال فيه أبو سعد الإدريسي: ((كان على قضاء سمرقند زماناً، وكان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار عالماً بالطب وبالنجوم وفنون العلم)) (انظر: سير أعلام النبلاء 16/ 94).

وقال الحاكم: ((كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال)).

وقال أبو بكر الخطيب: ((كان ابن حبان ثقة نبيلاً فهماً)).

وقال ياقوت الحموي: ((أخرج من علوم الحديث ما عجَزَ عنه غيره، ومن تأمل تصانيفه تأمُّل منصف علم أنّ الرجل كان بحراً في العلوم)) (معجم البلدان 2/ 329).

وقد تتلمذ في الفقه على يد شيخه إمام الأئمة، وأخذ عنه طريقته في استنباط الأحكام والمسائل الفقهية، ويظهر ذلك جلياً في كتابه " التقاسيم

والأنواع " الذي يبيّن مدى تمسك ابن حبان بمنهج شيخه في الاستنباط، وتقليده الكامل له، لكن مع تصرفه الخاص الذي يمليه عليه عقله وأسلوبه، رحم الله ابن حبان وشيخه ورحمنا جميعاً.

6 - شيوخه:

سبق أن بيَّنّت أنّ ابن حبان رحمه الله روى عن ألفي شيخ كما صرح بذلك في كتابه، إلاّ أنني لا يمكنني استقصاؤهم في هذا المختصر، وسأكتفي بذكر أهم من روى عنهم، فمنهم:

1 - أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد البغدادي الصوفي الكبير، (أبو محمد) وثقه الخطيب وغيره وكان صاحب حديث وإتقان (ت 306ه) (انظر: تاريخ بغداد 5/ 132، وسير أعلام النبلاء 14/ 152).

2 - أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي (أبو يعلى الموصلي) محدث الموصل وصاحب المسند والمعجم (ت 307ه) (انظر: سير أعلام النبلاء 14/ 174، وتذكرة الحفاظ 2/ 707).

3 - الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز، أبو العباس الشيباني الخراساني النسوي، صاحب المسند (ت 303ه) وقد حضر دفنه ابن حبان (انظر: سير أعلام النبلاء 14/ 157، وتذكرة الحفاظ 2/ 703).

4 - الحسين بن محمد بن أبي معشر مودود، أبو عروبة السلمي الحراني الجزري، مفتي أهل حَرّان ومصنف كتاب " الطبقات " و" تاريخ الجزيرة " (ت 318ه) (انظر: سير أعلام النبلاء 14/ 510، وشذرات الذهب 2/ 279).

5 - ابن خزيمة إمام الأئمة وشيخ خراسان.

6 - السَرّاج: هو محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران، أبو العباس السراج الثقفي مولاهم الخراساني النيسابوري، صاحب " المسند الكبير "

(ت 313ه) (انظر: سير أعلام النبلاء 14/ 388، والوافي بالوفيات 2/ 187).

.

7 - عبد الله بن محمد بن سلم، أبو محمد المقدسي الفريابي الأصل، وصفه ابن المقرئ بالصلاح والدين، توفي سنة اثني عشر وثلاث مئة (انظر: الأنساب 3/ 452، وسير أعلام النبلاء 14/ 306).

8 - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن شيرويه بن أسد، أبو محمد القرشي المطلبي النيسابوري، صاحب التصانيف (ت 305ه) (انظر: سير أعلام النبلاء 14/ 166، وشذرات الذهب 2/ 246).

9 - عمران بن موسى بن مجاشع، أبو إسحاق الجرجاني السختياني، مصنف " المسند " (ت 305ه) (انظر: سير أعلام النبلاء 14/ 136، وتذكرة الحفاظ 2/ 762).

10 - عمر بن سعيد بن أحمد بن سعد بن سنان، أبو بكر الطائي المنبجي، قال الذهبي: ((لم أظفر له بوفاة)) (انظر: تاريخ دمشق 48/ 38، وسير أعلام النبلاء 14/ 290).

.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015