(22) قوله:" السلام " أتى بالمصدر ولم يأت بالاسم مبالغة في التسليم من كل عيب، فالألف واللام للاستغراق.

(23) الحديث راعى جانب التدرج بالدعاء:

أ ـ فابتدأ بالثناء على الله.

ب ـ ثم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.

ج ـ ثم الدعاء للنفس.

د ـ ثم الدعاء لإخوانه المسلمين.

فانتظم الدعاء أحسن نظام، وهذا ما ينبغي للإنسان مراعاته في دعائه، فيضع لكل أمر موضعه المناسب.

(24) قوله:" السلام عليك " يحتمل:

أ ـ أن يكون الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالسلامة من المكاره والنقص والعيب.

ب ـ ويحتمل أنه تبريك عليه باسم الله السلام.

ج ـ ويحتمل معناه التعويذ بالله والتحصين به، فإن السلام اسم له -سبحانه- تقديره: الله عليك حفيظ وكفيل، قاله الألباني رحمه الله.

(25) قوله: " عليك أيها النبي " مع أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي، أي أن الخطاب خطاب شاهد مخاطب، وفي هذا دليل على اتباعنا لألفاظ الأحاديث من غير تغيير ولا تبديل، فرحم الله أمةً حفظت دينها وألفاظها.

(26) في قوله: " فلما قُبض قلنا السلام يعني على النبي " يدل على جواز أن يقول المصلي في تشهده " السلام على النبي ".

(27) وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة في هذا الحديث، وقيل في ذلك حِكم، منها:

أ ـ لأجل أن يُجمع بين النبوة والرسالة، لأن الرسالة ذُكرت في آخر الحديث، فذُكرت النبوة في أوله.

ب ـ وقيل: لأن النبوة كانت قبل الرسالة، فقد نبئ النبي صلى الله عليه وسلم ثم أرسل.

ج ـ ويحتمل أن يكون تطبيقا لما في القرآن في قوله تعالى:" إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فذُكر التسليم مع الوصف بالنبوة.

(28) يدل الحديث على جواز تقديم النفس في الدعاء على الغير، حيث بدأ المصلي بالدعاء لنفسه فقال:" السلام علينا " ثم دعا لإخوانه فقال:" وعلى عباد الله الصالحين ".

(29) في قوله:" السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " عِظَمُ حق النبي صلى الله عليه وسلم، حيث خصصه المصلي بجزء من دعائه والسلام عليه بالإضافة إلى الدعاء له بالرحمة والبركة، وهذا عائد إلى منزلته صلى الله عليه وسلم عند المؤمن.

(30) الملاحظ أن الحديث خصص قولنا:" ورحمة الله وبركاته " للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عائد لعظيم منزلته، وأن حقه أعظم من حق النفس والغير.

(31) في قوله:" السلام علينا ": فيه الدعاء للنفس بالسلامة، وهذا يرجع لعظيم فضل الدعاء بالسلامة؛ لأنها تشمل السلامة من العيوب والذنوب والنقائص، فاختار من أسماء الله ما يناسب ذلك.

(32) في الحديث معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أُوتي جوامع الكلم، فقد كان الصحابة يقولون: السلام على فلان وفلان، أي يعددون أسماء الملائكة، فعلّمهم النبي صل الله عليه وسلم لفظا جامعاً مانعاً.

(33) فيه الإرشاد إلى الفضل من الأقوال أو الأفعال، فقد وجدهم النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لفظاً مفضولاً وهو:" اللهم سلّم على فلان وفلان"، وأرشدهم إلى الفاضل وهو:" السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".

(34) في الحديث فضيلة الصلاح، فمن كان صالحا فقد حاز على فضل الدعاء له من إخوانه المصلين، ويتضمن الحث على تحصيل الصلاح.

(35) دل على أن العبودية لله أشرف منازل الصالحين، ولهذا -والله أعلم- وصفوا بها في هذا الحديث، فنقول:" عباد الله الصالحين " وعلى قدر تحقيق العبودية لله يكون الصلاح، وهذا أيضا من أسرار الاقتران بين العبادة والصلاح "عباد الله الصالحين" وقد جُمعت أيضا العبودية مع الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم " عبده ورسوله " وهذا يزيد مكان العبودية.

(36) قوله:" الصالحين " يدل بالمفهوم على أن غير الصالحين لا يشملهم هذا الدعاء، وهذا من شؤم عدم الصلاح والعياذ بالله، " قال الترمذي الحكيم: من أراد أن يَحظى بهذا السلام الذي يُسلِمُهُ الخلق في الصلاة فليكن عبداً صالحاً، وإلا حُرِم هذا الفضل العظيم " الفتح (2/ 314).

(37) فيه عِظم منزلة الأخوة، فالصلاة رغم منزلتها العظيمة إلا أنه جُعل لإخواننا نصيب فيها من دعائنا، وفي واجب من واجباتها وهو التشهد، وفيه إلماح إلى عدم غفلة الإنسان عن الدعاء لإخوانه خارج الصلاة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015