أما قول أبي حاتم:"شيخ " فقال الدكتور ماهر في هامش هذه الترجمة: قال ابن القطان الفاسي مفسرا إطلاق أبي حاتم لفظة "شيخ" في بيان الوهم والإيهام (4/ 627 عقيب 2184): "فأما قول أبي حاتم فيه:"شيخ" فليس بتعريف بشيء من حاله إلا أنه مقل ليس من أهل العلم، وإنما وقعت له رواية أخذت عنه".

ولاإخالك تفهم من هذا إلا أن قول أبي حاتم "شيخ" يساوي قول ابن حجر:"مقبول"!!

وقال في القواعد التي ذكرها في أول كتابه: قول أبي حاتم في الراوي:"شيخ" ليس بجرح ولاتوثيق، وهو عنوان تليين لاتمتين (كشف الإيهام/94)

أقول: مادام الدكتور ماهر عرف أن لفظة "شيخ " ليست بتعريف بحال الراوي، وليست بجرح ولا توثيق فكيف يرد بها تعريف من عرفوا الراوي ووثقوه، وهم أبوداود، وابن قانع، وابن حبان؟!

وإذا كان قول ابن حجر:"مقبول" يساوي قول أبي حاتم:"شيخ" عند الدكتور ماهر، فمعنى هذا أن قول ابن حجر لايعبر إلا عن قول أبي حاتم وحده، فأين أقوال من وثقوه، وهم أبوداود، وابن قانع، وابن حبان؟ وأين ماكرر الدكتور ماهر قوله من أن ابن حجر يحكم بحكم يشمل جميع الأقوال في الراوي؟

قال الدكتور ماهر: " العجيب أن المحررين يعقبان على من لايعرفان منهجه وقواعده، فالحافظ – رحمه الله – اشترط أن يكون حكمه على الرجل شاملا عادلا فقد قال في مقدمته:" إني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ماقيل فيه، وأعدل ماوصف به"، فالحافظ يُعمل ماقيل في الراوي دون إهمال" (كشف الإيهام/312).

وقال الدكتور ماهر أيضا: " ومن إنصاف الحافظ ابن حجر أن يجعل لفظته في الحكم شاملة على جميع الأقوال المعتبرة، وهذا هو التحرير والإتقان لا كما يصنعان" (كشف الإيهام/320)

وقال الدكتور ماهر أيضا: " فالحافظ ابن حجر لايحكم على الراوي اعتباطا، بل يقارن ويوازن ويجمع أقوال الأئمة، بحيث يكون حكمه على الراوي شاملا لجميع أقوال النقاد المعتبرة، فيستفيد الباحث" (كشف الإيهام/323)

أقول: هذا المنهج لم يطبقه الحافظ في حكمه على إسماعيل بن إبراهيم فقد قال فيه:"مقبول"، وهو تعبير عن قول أبي حاتم فيه:"شيخ" كما أقر بذلك الدكتور ماهر، ولم يلتفت إلى توثيق أبي داود وابن قانع وابن حبان، ولم يعبر عن حكمهم، وإنما عبر عن قول أبي حاتم، وهو متشدد.

وأما رد الدكتور ماهر توثيق الموثقين بتجهيل ابن القطان، فقد نقضه بنفسه في ص 367 حين احتج به صاحبا التحرير فقال الدكتور ماهر: " أما قول ابن القطان فهذا مصطلحه فيمن لم يوثقه إمام معاصر". وكذلك في ص 263 فقال: " ابن القطان له منهج خاص في التجهيل فهو يحكم بجهالة كل من لم يوثقه إمام معاصر له".

ونسي الدكتور ماهر الذي رد التوثيق هنا بتجهيل ابن القطان ماقاله في تعقب 343/ 3529 ص 439: في ترجمة عبدالله بن فروخ التيمي الذي قال فيه ابن حجر:"ثقة"، فتعقبه صاحبا التحرير بقولهما: "بل صدوق ... وقال أبو حاتم مجهول، وتعقبه الذهبي في الميزان فقال: بل صدوق مشهور"، فتعقبهما الدكتور ماهر بقوله: " تجهيل أبي حاتم مردود هنا؛ لأنه إن لم يكن عرفه فقد عرفه غيره، ومن علم حجة على من جهل، والمثبت مقدم على النافي ".

ونسي الدكتور ماهر قوله في تعقب 78/ 314 ص 231 في ترجمة أسامة بن حفص الذي حكم عليه ابن حجر بأنه صدوق، وضعفه صاحبا التحرير واحتجا بتجهيل اللالكائي، وتضعيف الأزدي فرد عليهما الدكتور ماهر فقال: " فمادام قدح الأزدي واللالكائي غير مؤثر فكيف نعدل عن قول الإمامين الذهبي وابن حجر في توثيق الراوي؟ "

أقول: وكيف يعدل الدكتور ماهر عن توثيق إسماعيل بن إبراهيم، وقد وثقه ثلاثة، لأجل كلمة "شيخ" من أبي حاتم، وقد أقر الدكتور ماهر أنها ليست تعريفا بحال الراوي، ولأجل تجهيل ابن القطان، وقد عرف مصطلحه، وإن كان جهله فقد عرفه غيره؟!

وممن وثق إسماعيل الشيخ الألباني فذكر أنه ثقة معروف (انظر إرواء الغليل5/ 224)

الوقفة الحادية والعشرون

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015