في ترجمة عمران بن حدير الذي قال فيه ابن حجر: ثقة ثقة، قال الدكتور ماهر: العجب كل العجب ممن يدعي دراسة كتاب، بل وتعقب أحكامه ونصه، وهو لا يكاد يعرف منهج مؤلف ذلك الكتاب، فمعلوم لمن قرأ التقريب قراءة عابرة، أدرك أنه ليس من منهج ابن حجر تكرار الحكم، وهما إنما أثبتاه هكذا مكررا "ثقة ثقة" تبعا لأصلهما الأصيل طبعة الشيخ محمد عوامة، وقد جاء الحكم على الصواب بالإفراد في مخطوطة ص ومخطوطة ق ومطبوعة عبدالوهاب عبداللطيف. (كشف الإيهام/506).

أقول: قد أثبتها الباكستاني في طبعته كما أثبتها صاحبا التحرير ومحمد عوامة: "ثقة ثقة"، ونبه الباكستاني في الهامش أنها كذلك في مخطوطة الميرغني مرتين (انظر التقريب بتحقيقه /750)، وأما محمد عوامة فاعتماده على أصل الحافظ الذي بخط يده، فلايصح للدكتور ماهر أن يلوم هؤلاء، والحالة هذه. وأما ما ذكره من أن ذلك يخالف منهج الحافظ في كتابه فيرده كلام الحافظ نفسه في مقدمة كتابه وهو يبين خطته فيه فقال: وباعتبار ما ذكرت انحصر لي الكلام على أحوالهم في اثنتي عشرة مرتبة، وحصر طبقاتهم في اثنتي عشرة طبقة، فأما المراتب فأولها الصحابة فأصرح بذلك لشرفهم. الثانية: من أكد مدحه إما بأفعل كأوثق الناس أو بتكرير الصفة لفظا كثقة ثقة، أو معنى كثقة حافظ (التقريب طبعة الباكستاني /80)، وهذا تصريح منه أنه سيستعمل تلك اللفظة التي أنكرها الدكتور ماهر، وكون استعماله لها قليلا لايعني النفي.

الوقفة السادسة

وصف الدكتور ماهر الإمام الذهبي بالتناقض، في تعقب 260/ 1637 ص 367 في ترجمة خالد بن سارة فقد ذكر أن الذهبي قال في الكاشف: "وثق"، ثم قال الدكتور ماهر في الهامش: ناقض الذهبي بهذا نفسه إذ إنه قال في ميزان الاعتدال: " وخالد ماوثق، لكن يكفيه أنه روى عنه أيضا عطاء ".

أقول: لم يقع الذهبي في التناقض فقوله: "وثق" يشير به إلى أن ابن حبان ذكره في الثقات، وهذه اللفظة أكثر ما يطلقها الذهبي في الكاشف على من انفرد ابن حبان بتوثيقه، وربما وضع فوقها رمز "حب" (انظر مقدمة تحقيق الكاشف لمحمد عوامة 1/ 30)، وذكر الدكتور ماهر في كشف الإيهام ص145 أن هذا هو رسم الذهبي فيمن ذكره ابن حبان في الثقات، ولم يوثقه بلفظه. وهذا لاينافي قول الذهبي في الميزان في خالد بن سارة:"ماوثق" فإنه يعني بذلك أنه لم يوثقه أحد ممن يعتمد على توثيقه، فليس بين اللفظين تناقض مادام اصطلاحه قد عرف.

الوقفة السابعة

عاب الدكتور ماهر صاحبي التحرير في وصفهم الراوي بأنه تفرد بالرواية عنه واحد اعتمادا على تهذيب الكمال، مثال ذلك تعقب 566/ 8264 ص 602 في ترجمة أبي علي الأزدي الذي قال فيه صاحبا التحرير:"مجهول فقد تفرد بالرواية عنه منصور بن المعتمر"، فتعقبهما الدكتور ماهر بقوله: "هكذا قالا معتمدين على تهذيب الكمال حسب، متغافلين أن تهذيب الكمال خاص برجال الكتب الستة، وبعض مؤلفات أصحابها، وهذا الراوي قد روى عنه أيضا ابن أبي حسين عند الشافعي في مسنده بتحقيقي ". وكذلك قال في تعقب 374م /4406 ص 464.

أقول: تهذيب الكمال وإن كان خاصا برجال الكتب الستة إلا أن المزي لايقتصر في شيوخ الراوي وتلاميذه على من في الكتب الستة، وقد بين ذلك في مقدمة كتابه فقال: وذكرت أسماء من روى عنه كل واحد منهم، وأسماء من روى عن كل واحد منهم في هذه الكتب أو في غيرها على ترتيب حروف المعجم (تهذيب الكمال 1/ 151). وواقع الكتاب يشهد بذلك، فأول ترجمة فيه: أحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي، الذي روى له أبوداود حديثا واحدا، وروى له ابن ماجه في التفسير، ذكر المزي في شيوخه ثمانية وعشرين شيخا، وليس منهم من روى عنه صاحب الترجمة في الكتب الستة وملحقاتها سوى اثنين، وذكر في تلاميذه أربعة وعشرين راويا، وليس منهم من روى عن صاحب الترجمة في الكتب الستة وملحقاتها سوى اثنين.

الوقفة الثامنة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015