مثله أيضا أبو معشر نجيح السندي في روايته عن محمد بن كعب القرظي، فأبو معشر ضعيف، ومع ذلك يقول الإمام أحمد: يكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب القرظي في التفسير، لأن محمد بن كعب القرظي له تفسير مدون كما نص عليه الثعلبي في مقدمته الكشف والبيان، وهذه زينة، فلو قال الثعلبي قال محمد بن كعب القرظي فهذا يكفي

أيضا يقول الإمام يحيى بن معين: اكتبوا حديث محمد بن كعب في التفسير، وأما أحاديث نافع وغيرها فليس بشيء، التفسير حسن. فها هو ينص على التفريق بين النسخة وغيرها

ينقدح هنا سؤال مهم جدا: ما هو سبب إيراد المرويات التفسيرية التي لن نطبق عليها منهج نقد السنة النبوية؟

نقول: هناك أربعة أسباب لذلك:

أولها: إثبات أن هذا القول قول للسلف، فإذا كان لا يصح القول عن الصحابي لكن يصح عن التابعي، أنا أريد أن أعرف أن هذا القول في التفسير قول معروف في زمن السلف، هذا أهم شيء عندي حتى إذا فسرت الآية به ما يأتي أحد يقول أنت ابتدعت قولا جديدا في التفسير لم تسبق إليه، أو يقول: أنت خالفت مجموع ما قاله السلف، فإذن لو لم يصح القول عن الصحابي لصح عن التابعي ولو لم يصح عن التابعي لصح عن تابع التابعي فهذا يكفي لإثبات أن هذا قول للسلف، مثل تفسير مقاتل بن سليمان لماذا كان له مكانة؟ لأنه تفسير رجل كان بين العلماء وأثنوا على تفسيره مع أنهم كانوا يذمونه في باب الرواية، لكن هذا رجل في جيل أتباع التابعين وكان تفسيره مقبولا عندهم وأثنوا عليه، بل من العلماء من أثنى على تفسير الكلبي الكذاب، فالفائدة إذن أن هذا يثبت أن هذا قول للسلف وإن لم أثبت نسبته لواحد بعينه

ثانيها: معرفة المنهج العام للسلف في التفسير، تخيلوا لو أن هذه التفاسير ليس فيها أسانيد هل كان يمكننا إثبات منهج عام للسلف في التفسير، يعني مثلا تعاملهم مع أحاديث الصفات، وهذا فعله ابن تيمية حيث احتج بالمنهج العام فقال: انظروا منهج السلف عموما في تعاملهم مع آيات الصفات هل كانوا يؤلونها؟ أبدا، هل كانوا يتعاملون معها على أنها من المتشابه الذي لا يعُرف معناه؟ أبدا، لو جئت لأي مسألة قد لا تجد فيها أثرا صحيحا بعينه على المنهج الحديثي لكن مجمل هذه المرويات التي تملأ التفسير تعطيني يقين بأن هناك منهج معين في طريقة فهم كلام الله عز وجل، ولو لم يكن في هذه المرويات إلا هذه الفائدة لكفت فهذا أهم شيء أن يعرف القارئ منهج السلف في فهم كلام الله، لأني لو أردت أن أطبق لا أريد أن أخالف منهج السلف الذين هم أدرى الناس بمفهم كلام الله ممن جاء بعدهم لأنهم تلقوا هذا المنهج عن النبي جيلا بعد جيل

ثالثها: أن يكون مما تغني استفاضته ووجود أدلة نقده من خارج الأسانيد كاللغة المستفيضة وهذا نص عليه البيهقي في سبب ذكر رواية الكلبي في التفسير، قال: لأنه ينقل لغة واللغة معروفة ومستفيضة يعني كأني أنسبها إلى رجل جاهلي، فهل يكون الجاهلي أحسن من الكلبي المسلم وممن ذكر هذا المعنى الشيخ محمود شاكر في أثناء تحقيقه لتفسير الطبري

رابعها: الأمور التي لا علاقة لها بفهم الآية مثل تسمية صاحب قصة أو قوم معينين أخذا من الإسرائيليات أو غيرها التي لا تؤثر في فهم الآية ولذلك ابن جرير كان كثيرا جدا لما يورد هذه المرويات يقول: سواء قلنا بهذا أو قلنا بهذا أو قلنا بهذا يعني أن تفسير الآية لا يتأثر بتغير المسميات هذه أو تحديد القرون أو ما أشبه ذلك، كل هذه أمور لا علاقة لها بفهم الآية ولذلك ليس هناك داع أصلا لتطبيق منهج نقد السنة عليها

توضيح بعض القضايا في الردود على المداخلات:

أريد أن أؤكد أن منهج المحدثين في تعاملهم مع مرويات التفسير ليس كمنهجهم في تعاملهم مع مرويات السنة النبوية

ابن أبي حاتم ألف كتابه الجرح والتعديل ولو جئت تطبق الجرح والتعديل على الأسانيد التي وصفها بأنها أصح الأسانيد على كتابه التفسير لوجدت أنك ستجد حرجا كبيرا من أسانيد هو نفسه حكم عليها بالضعف

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015