أن المؤمن يستجيب لدعاء ربه، ومع ذلك يطلب منه العون على عبادته، فرجع أمر المؤمن كله لله بداية ونهاية.

فالاستجابة لدعاء الله هو " لبيك " وطلب العون منه هو " سعديك ".

الفائدة السادسة والستون:

دل قوله: " وسعديك " على أن المؤمن يعبد ربه بانشراح صدر مسرورا بذلك، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق ركني العبادة: الذل والمحبة.

وهما لا يجتمعان إلا لله، فالله هو المعبود لذاته، المطاع محبة له، وهذا كله من قول المستفتح بهذا الدعاء " وسعديك " فهي كلمة تدل على السعد والانشراح والفرح بطاعة الله

الفائدة السابعة والستون:

في قوله: " لبيك " في استفتاح الصلاة مناسبة، لأن الله نادى المؤمن لحضور الصلاة عن طريق المؤذن، والمؤمن يقول: " لبيك " فهي إجابة لنداء حقيقي.

الفائدة الثامنة والستون:

الملاحظ أن قوله: " لبيك وسعديك " لم تأت في أول دعاء الاستفتاح مع أن النظر يقتضي أن يكون موقعها أول الكلام، وذلك لأن اللائق بحال العبد الذي يريد مناجاة الله أن يبدأ الكلام بالثناء على الله، وبيان ضعفه وخطئه وذنبه.

وحاله في ذلك حال العبد المتمرد على سيده، وسيده يدعوه، فالأولى بحال هذا العبد إذا رجع لسيده أن يبدأ بالثناء على سيده والاعتراف بخطئه ثم يذكر أنه إنما رجع إجابة لنداء سيده، وهذا أليق من كونه يبدأ خطابه بإجابة نداء سيده، لأن الذنوب تدل على عدم تمام صدق العبد في تلك الإجابة.

الفائدة التاسعة والستون:

في قوله: " والخير كله في يديك " تفاؤلا من المؤمن بما عند الله، وأن ما عند الله كله خير للعبد، وتفاؤلا بقبول صلاته.

الفائدة السبعون:

قوله: " والخير كله في يديك " مناسب جدا لما قبله، وهو قوله: " لبيك وسعديك " فكأن لسان حال المؤمن المستفتح بهذا الدعاء يقول: استجيب لك يا رب، فساعدني على طاعتك، فإن الخير كله في يديك، ولا يأتي منك إلا الخير.

فائدة الحادية والسبعون:

في قوله: " والخير كله في يديك " أبلغ من قول: والخير في يديك كله، لأن المقام مقام ثناء على الله، وصيغة الحديث أبلغ في تحقيق الثناء على الله بتقديم " كل " لئلا يحول بين المؤكَد والمؤكِد شيء.

الفائدة الثانية والسبعون:

في قوله: " والشر ليس إليك " لم يقل: كله، كما قال في الخير " والخير كله في يديك " وذلك لأن الله لا ينسب له شر محض البتة، مهما دق كما هو منهج أهل السنة والجماعة.

الفائدة الثالثة والسبعون:

قوله: " والشر ليس إليك " يبين منهج أهل السنة والجماعة في القضاء والقدر وأن الله لا ينسب له شر البتة، وهذا يعود أثره على إيمان الإنسان وثقته بربه.

فالمؤمن يعيش حياته واثقا بربه أنه لن يقدر عليه شر محض، وكل أمر كان ظاهره شرا فإن عقيدة المؤمن تجعله ينظر له بأن في باطنه من الخير ما لا يعلمه إلا مقدره سبحانه فإن الخير كله في يديه، والشر ليس إليه.

الفائدة الرابعة والسبعون:

قوله: " والشر ليس إليك " فيها أدب مع الله حتى في الألفاظ، فلم يقل: والشر ليس في يديك، كما قال في الخير " والخير كله في يديك " وذلك لأن ظاهر قول: ليس في يديك يدل على أنه خارج عن ملك الله، والله سبحانه لا يخرج عن ملكه شيء، فكان الأولى أن يقال: ليس إليك، وهي أبلغ في أداء المقصود، وهذا يجعل المؤمن يتحرى حتى في ألفاظه أنسب العبارات والجمل.

الفائدة الخامسة والسبعون:

قال في نفي الشر عن الله: " والشر ليس إليك " والقياس أن يقول: والشر ليس منك، وقد عدل عن ذلك لأنها أكثر أدبا في حق الله، ولأن المؤمن ينفي نسبة الشر لربه، وهي نتيجة لأن الله لا يخلق شرا محضا، فذكر النتيجة ونفاها، وهذا أبلغ، فإن نفي النتيجة نفي لمقدماتها.

الفائدة السادسة والسبعون:

قوله: " أنا بك وإليك " شملت حياة الإنسان وموته، وبيان ذلك:

أن قوله: " أنا بك " يشمل حال الحياة، فالإنسان في حال حياته مرتبط بربه، ولولا ربه لم يحيا ولا يستطيع فعل أي شيء.

وقوله: " وإليك " يشمل حال الموت، فمرجع الإنسان إلى ربه، وعودته إليه.

فالمصلي المستفتح بهذا الدعاء أرجع أمر حياته وموته لربه سبحانه، وهذا من عظيم منازل العبودية لله، وهذا المعنى أوسع المعاني التي قيلت في هذه اللفظة.

الفائدة السابعة والسبعون:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015