الحديث المعلل يقولون: معلل، ويقولون: معلول، والصواب معل بلام واحدة؛ لأن المعلل اسم مفعول من علل، من علله إذا شغله وألهاه، ومعلول من عل يعل، فهو معلول، أما أعله بكذا بهذه العلة، فالصواب في اسم المفعول منه معل، كما قرر ذلك الحافظ العراقي وأطال في تقريره، معلول موجود في اصطلاح بعض أهل الحديث، وموجود في كلام الأصوليين، وموجود في كتب العقائد والكلام، موجود، والعلة والمعلول معروفة عندهم، لكن هو هذا التركيب في هذا الباب صرح جمع من أهل العلم بأنه لحن، وقال بعضهم: إنه مرذول، ويقول ابن سيدة وغيره: "لست منها على ثقة"، يعني لست مرتاح من كلمة معلول في هذا الباب، فالصواب في الإطلاق أن يقال: معل، وأما معلل وجدت في كلام الأئمة، لكن تأصيلها من حيث الأصل اللغوي فيه مشقة، على كل حال المعنى واضح، سواء قلنا: المعل كما هو الصواب، أو معلل كما يوجد في إطلاقاتهم، أو معلول المعنى واضح، هو الحديث الذي اشتمل على علة، هو الحديث المعل الذي اشتمل على علة: وهي سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر، الذي ظاهره السلامة منها، ظاهر الخبر السلامة من هذه العلة، ولذا لخفائها وغموضها لم يتكلم في العلل إلا القليل النادر من الأئمة الكبار الحفاظ، بل قد يتكلم الواحد منهم بما لا يستطيع تعليله وتبريره، يأتي السائل إلى الإمام الكبير من أئمة الحديث فيقول: الحديث فيه علة، طيب مع أن هذه العلة لا يستطيع التعبير عنها؛ لأن هناك أمور تنقدح في ذهن المجتهد يصعب التعبير عنها، لكن يكفي أنك تذهب إلى ثاني وثالث ورابع كلهم يؤكدون بأن به علة، ولذا قال بعضهم: إن معرفتنا بهذا العلم إلهام، وقال آخر: إنه كهانة عند الجاهل، يعني اشلون؟ لأن الأصل أن من يحكم بشيء يعلل حكمه، ضعيف لكذا، لكن معل شيء أنقدح في ذهن المجتهد، وليس من سببه التشهي أو التحكم، لا، هذا لا شك أنه ملكة تولدت عند هذا الإمام من طول الممارسة والخبرة، كل علم من علوم الدنيا أو الآخرة مع طول الممارسة تنقدح في ذهن الممارس هذا الخبير بهذا الفن أمور قد يعتبرها بعض الناس سحر، تأتي إلى الكهربائي الذي عاش عمره في الكهرباء، وقد يكون عامي لا يقرأ ولا يكتب، تقول: هذه قطعة ركبها، يقول: القطعة ما تشتغل خربانة، طيب أخذناها من الكرتون الآن جبناها من المحل، قال: ما تشتغل يا أخي، أنا أعرف منك، ليش ما تشتغل؟ ما تشتغل، في بعض الناس يقول: ركب يا أخي خلنا نشوف تشتغل وإلا ما تشتغل؟ الأصل أنه ما ...... ؛ لأنه عنده خبرة، وعنده قناعة أنها ما تشتغل، فإذا ركبها وجد الكلام مطابق، يعني هل هذا سحر هذا؟ لكن خبرة، يعني تأتي بسيارتك إلى الورشة المتبدؤن واللي يتعلمون يفكك السيارة من أولها إلى آخرها، وقد لا يقف على العلة، تأتي إلى الخبير الماهر يقول لك: ما يحتاج تفكك ولا تركب، شوف غير بس هالكفر ذا، وتركب السيارة لا رجة ولا ميلان ولا مطانيج ولا شيء، ويعطيك العلة من أول ما تقف، وش أدراك؟ يقول لك: مالك هم، العلة موجودة إن لم يكن الكلام صحيح ....... ، المزارع أيضاً عنده خبرة، وعنده دراية بالزراعة، وكيف يفعل؟ كيف هذه تصلح؟ بمجرد ما يمر المزارع يقول لك: هذه النخلة شلها عن هذا المكان، لماذا؟ الله أعلم، بس شلها من هذا المكان، هناك خبراء في كل علم من العلوم، يعني لا شك أنهم يسلم لهم في علمهم، شخص لا يقرأ ولا يكتب يدخل البستان الكبير الذي فيه ألف نخلة، يقول: مجموع نتاجه كم؟ خمسين ألف وزنة مثلاً، خمسين ألف، وش يدريك؟ والله ما عليك، الخرص سببه خبرة ودربة وإلا من بيتصور ينزل لوحده يا زن ويكتب، ثم الثاني يا زن ويجمع، ثم الثالث إلى أن تصل إلى ألف نخلة، نعم تجد مطابق، من أين جاءه هذا العلم؟ نعم نزل عليه وحي؟ لا، خبرة، وهكذا الخبرة في جميع العلوم، يعني خبرة جميع فروع المعرفة، مثل ما يصير هذا مري باقتفاء الأثر، قائف، هذا أيضاً قائف في فنون أخرى من المعرفة، أنا أعرف ناس في الكتب إذا دخل قدر المكتبة كلها من أولها وآخرها، وما تستحق، مكتبة شاسعة مثل هذا المبنى هذا، كله مليان كتب، المكتبة فيها كذا من كتاب، وتستحق كذا قيمة، هذا عبث هذا؟ خبرة، أيضاً العلم بهذه الأمور الخفية الغامضة خبرة، ولذلك الذي لا يتمكن تمكن الأئمة في هذا الفن، لن يصل ولن يحلم بالوصول إلى ما وصلوا إليه، إنسان يحفظ الأربعين، وقد يتطاول على

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015