((البذاذة من الإيمان)) الدين لا شك أنه دين نظافة، ديننا -ولله الحمد- دين نظافة، ولذا شرع الاستنجاء، شرع الوضوء، شرع الغسل، لكن لئلا يستغرق الناس في هذا الباب، ويضيعوا أوقاتهم من أجل النظافة، ويبالغوا في هذا، الدين أيضاً دين وسط، يكسر من هذا الغلو في النظافة كما يفعله بعض الناس، بعض الناس يمضي جل وقته من أجل أن يتنظف، إذا دخل المغتسل، المستحم أحياناً يأخذ ساعتين، بعض الناس يأخذ ساعتين، وإذا أراد أن يلبس، إذا أراد أن يسرح، إذا أراد أن يدهن، إذا أراد .. ، هذا غلو، مبالغة وإفراط، ولذا جاء النهي عن الإدهان إلا غباً، الترجل أيضاً كذلك، تسريح الشعر، المسألة تحتاج إلى عناية لكن بدون مبالغة، فديننا وسط، ديننا وسط -ولله الحمد-، ولذا جاء كسر الغلو في هذا الباب حديث: ((البذاذة من الإيمان)) لئلا نهتم بأمور ونضيع ما هو أهم منها، وإلا فالأصل أن الدين دين الطهارة، ((الطهور شطر الإيمان))، ولذا غسال أمريكي أسلم من غير دعوة، من غير دعوة أسلم، يسأل عن السبب فيقول: تأتيني ثياب المسلمين نظيفة وروائحها طيبة -يعني بسبب الاستنجاء- وتأتي ثياب الكفار منتنة؛ لأنهم لا يستنجون، فديننا دين النظافة، الذي جر هذا حديث الذي يروى وهو لا أصل له: "النظافة من الإيمان" هذا مشهور على الألسنة، المشهور عند الأطباء: "المعدة بيت الداء"، وهناك أحاديث مشهورة عند الأدباء: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، وأحاديث مشهورة عند المؤرخين، وأحاديث مشهورة تدور على ألسنة الفقهاء، وهي من قولهم، لكن بعضهم يركب له إسناد، أو تروى تنسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا إسناد لها، فهذه أحاديث مشهورة، وألفت فيها الكتب، فيها: المقاصد الحسنة للسخاوي، فيها: كشف الخفي ومزيل الإلباس، هذه كتب بالأحاديث المشتهرة شهرة غير اصطلاحية، وفيها ما لا إسناد له أصلاً، الفرق بين المشهور والمستفيض، منهم من يرى المستفيض هو المشهور، المشهور والمستفيض شيء واحد؛ لأن الاستفاضة الشهرة والانتشار، حينما يحكم أهل العلم بالاستفاضة، يعني بقبول الشهادة على الاستفاضة، والمراد بذلك الشهرة والانتشار، يأتي شخص ليشهد أن هذا ابن هذا، طيب، يأتي مجموعة، حي كامل يشهدون أن هذا ابن هذا، هل للقاضي أن يسألهم كيف ثبتت هذه البنوة؟ أنتم حضرتم وقت .. ؟ نعم حضرتم الوقت واكبتموه ((على مثلها فشهد)) إنما يكتفى في هذا بالاستفاضة، بم يطالب الإنسان الذي شهد أن زيد بن عمرو وش يدريك أنت؟ حضرتهم؟ واكبت الحمل من بدايته إلى نهايته إلى وضعه إلى .. ؟ لا، ما يحتاج، إنما يكفي لمثل هذا الاستفاضة، والمقصود بها الاشتهار والانتشار، ومنهم من يقول: الاستفاضة غير الشهرة، بمعنى أنه يكون المستفيض طبقات السند كلها واحد، بأن يكون مروي ثلاثة عن ثلاثة عن ثلاثة إلى آخره، أو أربعة عن أربعة عن أربعة، بينما الشهرة لا يقل العدد عن ثلاثة على ما يختاره الأكثر، أو لا يقل عن أربعة كما هنا، ويزيدون في بعض الطبقات، لكن هذا التفصيل ما يمكن أن يوجد خبر يستوي في نقله جميع طبقات الإسناد، يعني مثل ما قرر ابن حبان في العزيز، ووجه بأنه يريد بذلك ألا يزيد ولا ينقص العدد عن اثنين، هل يمكن أن يروي الحديث اثنين عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يرويه عن الاثنين كل واحد يرويه عنه واحد فقط، ثم الاثنين من التابعين يروي عن كل واحد منهم واحد فقط؛ ليستمر الطريق اثنين عن اثنين ما يمكن، وهذا الذي ينفيه ابن حبان، ونقول: مثل هذا في المستفيض، هل يمكن أن يتحد العدد من أوله إلى آخره؟ مثل ما قيل هناك يقال هنا، المقصود أن العدد الأقل يقضي على الأكثر، فإذا وجد في بعض طبقات الإسناد ثلاثة أو أربعة على القولين قلنا: مشهور ومثله المستفيض، ومنهم من يرى أن المشهور أحد قسمي المتواتر، وهذا قول معروف عند الحنفية، ولذا يقولون: أنه يوجب العلم النظري عندهم، ومنهم من يرى أنه يوجب طمأنينة، وعلى كل حال المشهور إذا جاء من طرق متباينة سالمة عن القوادح موجب للعلم عند المحققين، وهذه المسألة مسألة المشهور الخلاف فيها مرتب على الخلاف في معرفة العزيز، المشهور والعزيز قسمان من أقسام أخبار الآحاد عند أهل العلم، ويكون فيها الصحيح والحسن والضعيف، نعم، من الأحاديث ما يأتي بأسانيد، لكن كلها ضعيفة فتبقى ضعيفة إذا كانت لا تقبل الإنجبار، ومنها ما يكون

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015