المؤلف -رحمه الله تعالى- بدأ بالبسملة، ثم ثنى بالحمدلة إقتداء بالقرآن الكريم، افتتح بالبسملة والحمدلة، وجاء في الحديث ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع)) وفي رواية: ((بالحمد لله رب العالمين)) وفي رواية: ((بذكر الله)) وحكم بعضهم على الحديث بجميع طرقه وألفاظه بالضعف، وحسن بعضهم لفظ: (الحمد) فقط، كابن الصلاح والنووي، وبعض العلماء حسنوا لفظ: (الحمد)، وعلى كل حال يكفينا الإقتداء بالقرآن الكريم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في مخاطباته ومراسلاته يبدأ بالبسملة، وفي خطبه يبدأ بالحمدلة.

وأما الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد جاء الأمر بها {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] والحمد يعرفه بعضهم أو كثير ممن عرف الحمد قال: إنه الثناء على الله -جل وعلا- بما يستحقه من محامد، وابن القيم -رحمه الله تعالى- فرق بين الحمد والثناء، وأن الحمد ذكر الباري -جل وعلا- بأوصافه الجميلة، ونعمه العظيمة، والثناء تكرار المحامد، واستدل بحديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)) ثم قال: ((فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى عليّ عبدي)) فالثناء غير الحمد، وهذا ما قاله ابن القيم في الوابل الصيب، فليرجع إليه، الصلاة جاء الأمر بها في قوله -جلا وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ولا يتم الامتثال، امتثال الأمر في الآية حتى يصلي ويسلم، أما الاقتصار على الصلاة فقط دون السلام، أو السلام دون الصلاة فقط، فلا يتم الامتثال بذلك، المؤلف يقول:

(مصلياً على ... محمد خير نبي أرسلا)، ما سلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يتم امتثال الأمر، بل صرح النووي في مقدمة شرح مسلم بكراهة إفراد الصلاة دون السلام؛ لأن مسلم -رحمه الله تعالى- أفرد الصلاة دون السلام، فصرح النووي بكراهة ذلك، وابن حجر خص الكراهية بمن كان ديدنه ذلك، يصلي باستمرار ولا يسلم، أو يسلم باستمرار ولا يصلي، أما من كان يجمع بينهما تارة، ويفرد الصلاة تارة، ويفرد السلام تارة فلا تتناوله الكراهة، الكراهة تختص بمن ديدنه ذلك، وعلى كل حال امتثال الأمر لا يتم إلا بالجمع بينهما، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في الحث على الصلاة عليه نصوص كثيرة جداً، حتى أوجب بعض العلماء الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- كل ما ذكر، أما وجوبها في التشهد الأخير كونها ركن .......... ، معروف عند جمع من أهل العلم، وما عدا ذلك فعامة أهل العلم على الاستحباب، ولا شك أن الأصل في الأمر الوجوب، لكن قد يرد ما يصرف هذا الأمر، ولذا جمهور أهل العلم على الاستحباب، ولا شك أن من يسمع ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يصلي عليه محروم، فمن صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ممن له حق على الإنسان أن يلحقه بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعطفه عليه الآل، لما لهم من حق، فهم وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيعطفون عليه، وممن له حق أيضاً على المسلمين من وصلهم الدين بواسطتهم، وحملوه إلى الناس بأمانة وإتقان وصدق وإخلاص وهم الصحابة الكرام، الذين نشروا الدين وحملوه إلى أقطار المعمورة، فلهم علينا من الحق أن نصلي عليهم ونسلم تبعاً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا قال: صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه، ولا يفرد الآل، ولا يفرد الصحب؛ لأنه مطلوب منه أن يصلي على الآل؛ لأنهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحب أيضاً لهم حق عظيم على الأمة فيصلى عليهم، تبعاً له -عليه الصلاة والسلام-، أما إفراد الآل فهو شعار لبعض المبتدعة، وإفراد الصحب أيضاً شعار لقوم آخرين، وأهل السنة يتوسطون، ويمتثلون جميع الأوامر، المقصود أن المؤلف -رحمه الله تعالى- بدأ بالبسملة، ثم ثنى بالحمدلة، ثم صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو سلم لكن أكمل.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015